وتر الكلام..شقيقاته الثلاث وبستان كرزه ونوارسه…!

الملحق الثقافي-سعاد زاهر:

المكان…أول ما تبادر إلى ذهني حين عدت بذاكرتي إلى الكتاب الأول، حين كنا نجتمع في منزل العائلة، المنزل الثاني الذي سكناه حديثاً بعد انتقالنا من وسط المدينة، إلى إحدى ضواحيها، على ما أذكر إحدى أخواتي اشترت المجموعة الكاملة لتشيخوف، سارعنا إلى توزيع الأعمال الكاملة التي احتوتها المجلدات الأربعة التي يطغى عليها اللون الأخضر.
ولم يصل إلى يدي منها، سوى المجلد الرابع الذي يحتوي مسرحيات كتبها أواخر أيامه على فراش المرض جراء معاناته من مرض السل الذي أصيب به في الرابعة والعشرين من عمره، بعد أن قام بجولة عام (1890) إلى جزيرة سخالين عبر سيبريا متعرضاً لمخاطر البرد والضياع والغرق…استمرت جولته تسعة أشهر ألف بعدها كتابه (جزيرة سخالين) ليحكي عن رحلة هزت كيانه وغيرت مجرى حياته.
استغرقت بعد سنوات طويلة من قراءتي للمجلد الرابع للكاتب الروسي أنطون تشيخوف، الكتاب الذي احتوى على مسرحياته «الشقيقات الثلاث، بستان الكرز، النورس…»
صحيح أننا مع الوقت تنسى الكثير من التفاصيل التي نقرأها منذ زمن، ولكن بعض العبارات أو الحكم لم أستطع نسيانها قط، ولطالما رددتها في مواقف طارئة..
«لو أننا عرفنا.. لو أننا فقط استطعنا أن نعرف»
«سيمر زمن ونرحل نحن أيضاً إلى الأبد، وسينسانا الناس، سينسون ملامحنا وأصواتنا وكم كان عددنا، لكن آلامنا ستصبح أفراحاً لمن سيعيشون بعدنا، وستحل على الأرض المسرة والسلام..»
«على الإنسان أن يكتب دون أن يُفكر في شكل كتابته على الإطلاق، بل يدع هذا الشكل يسيل تلقائياً من نبع»….
وأنت تقرأ له تشعر أنك تعرف تلك الروح التي تسابق النسمة لتبلسم أرواح المعذبين، برقة لا مثيل لها، تعاطفه الإنساني يؤثر بك ويدعوك لاعتناقه…
التضاد الذي يخلقه حين تصل إلى خاتمة أعماله يدهشك ويعلمك، فرغم كل التعاطف في أحيان كثيرة لا يتدخل في مصائر أبطاله، يتركها تمضي إلى مصيرها، بل بلا رحمة، ينظر إليها وكأنه مجرد من أي عاطفة تجاهها…
انتقلت بسرعة كبيرة بين المجلدات الأربعة، ولطالما تذكرت فتاته المغفلة في مواقف كثيرة، ورغم أنني أعدت قراءة العديد من المقاطع التي أعجبتني، إلا أنني أصررت على الاحتفاظ بتلك المجلات في منزلي الخاص، حملتها معي كأثمن الهدايا، وكلما كانت ألمحها أو تمتد يدي إليها، أصاب بقشعريرة تذكرني بحياة مضت، وبمزيج ذكرياتها.
إلى أن خسرتها قبل أكثر من عشر سنوات، حين غادرت منزلي تركت داخله عشرات الكتب، التي لا تعوض، ففيها مذاق القراءات الأولى، اللهفة التي لا تنسى…ودموع استدرت رغماً عنا ونحن نتابع مصائر شخصيات مبتكرة..
كانت شقيقات تشيخوف، ونوراسه، وبستان كرزه…وكل تلك الزواريب الأدبية التي دخلت إليها تمنعني من تلك الغصة الماكرة التي قد تودي صاحبها إثر خسائر لا تعوض، ولطالما أعانتني على الوقوف من جديد إثر كل انكسار…
العدد 1120 – 15-11-2022

آخر الأخبار
الاحتلال يتمادى بعدوانه.. توغل واعتقال 7 أشخاص في جباتا الخشب بريف القنيطرة  تحضيرات في درعا لمشاريع تأهيل مرافق مياه الشرب والصحة والمدارس  حريق كبير يلتهم معملاً للكرتون في ريف حلب الغربي  حضور لمنتجات المرأة الريفية بالقنيطرة في "دمشق الدولي" واشنطن وبكين.. هل تتحول المنافسة الاقتصادية إلى حرب عسكرية المجاعة في غزة قنبلة موقوتة تهدد الأمن العربي "إسرائيل" تخسر معركة العلاقات الدولية وتفقد قوة لوبيها بالكونغرس ماكرون: ممارسات "إسرائيل" في غزة لن توقف الاعتراف بدولة فلسطين الذكاء الاصطناعي شريك المستقبل في تطويرالمناهج التعليمية إطلاق مشروع إعادة تأهيل محطة مياه "بسيدا" في معرة النعمان الانتخابات التشريعية.. محطة مهمة في بناء مؤسسات الدولة وتوسيع المشاركة الوطنية  أيقونة الصناعات الدوائية.. "تاميكو" تبرز في معرض "دمشق الدولي" محافظ إدلب يناقش مع جمعية عطاء مشاريع التنمية وترميم المدارس عروض مغرية لا تجد من يشتريها.. "شعبي أو خمس نجوم": أسعار الخضار والفواكه تحلق السويعية تنهض من جديد.."حملة العزاوي للعطاء" ترسم ملامح الأمل والبناء استراتيجيات لمواجهة الجفاف وحماية الإنتاج الزراعي والحيواني في طرطوس صيانة مستمرة لواقع الشبكات وآبار المياه في القنيطرة مرسوم ترخيص المؤسسات التعليمية الخاصة خطوة نوعية لتعزيز جودة التعليم المدينة الصناعية في الباب.. معجزة صناعية تنهض من تحت الركام ملفات التعثّر من عبء اقتصادي إلى فرصة لاستدامة النمو المالي