بحثاً عن النموذجِ الجمالي في الفنّ السوريّ

الثورة – هفاف ميهوب:
يسعى الفنان والناقد التشكيلي “عمار حسن” في بحثه عن “النموذج الجمالي المفقود”، لتبيان ماهيّة الفنّ أولاً.. الفن الذي لم يكن لديه “مجرّد حرفة عالية، ودراسة أكاديمية، وإبداع الشكل، وتقديم لوحة جديدة بمحتواها”.. لم يكن لديه هكذا فقط، بل كان و “بالدرجة الأولى، النموذج الجمالي الناضج والواضح في فكرِ وسلوك الفنان”..
هكذا يرى “حسن” الفن الجمالي الذي وجده مفقوداً، ولأسباب منها “التكرار والمثابرة على ذات التجربة والشكل” بطريقةٍ تفقد الفنّ هذا النموذج من الجمال، إضافة إلى “المراوحة في ذات المستوى الشكلي والتشكيلي”، وصولاً إلى التفكير بالخطوة التي تلي ذلك، وهو ما اعتبره يرعب كثرٌ من الفنانين الذين لا يعرفون بماذا يجيبون على سؤال: “وماذا بعد؟!”..
نعم، يعتبر “حسن” بأن كثرٌ من الفنانين، لايعرفون الإجابة على هذا السؤال، وبرأيه أن سبب عجزهم هذا: “ليس لأنهم لا يمتلكون القدرة على التشكيل، بل لأنهم لا يعرفون حقيقة النموذج الجمالي الذي يمنحهم الطاقة الداخلية للتقدّم، وإذا لم يعرفوا فمن الصعب تطوير هذا النموذج الجمالي، وبالتالي تبقى التجربة برمّتها رهينة هذا الحبس من عدم الفهم”…
إنه مفهومه.. المفهوم الذي جعلنا نسأله إسقاطه على التجارب التشكيلية السورية، فكان أن فعل قائلاً:
“الفنّ طريقٌ للامتلاء والاكتفاء والشعور بالغبطة، وإقامة الصلات مع الكون.. الفنّ محبّة مبدعة، اهتزازٌ عالي الطاقة، تكشّف واكتشاف للذات والعالم، ومن ثمّ تحقّق ووجود، بتلك الخصوصية التي تزيح اللثام عن المعنى الكامن في ذات الفنان، فنرى من خلال منتجه طريقاً أو طريقة، لتكشّف الحقيقة التي تريد الحياة من خلاله إبرازها أو تجلّيها، ولذلك الفنان الحقيقي هو من كشف عن جانب من الحقيقة.
“فونتانا” ذاك الفنان الذي استلّ سكينه ومزق سطح اللوحة إلى أثلام، ليتكشّف له ما بعد اللون واللوحة، عبر إماطته اللثام عن العتمة التي تسكن خلف اللون، بعد أن غرق في تأمله لسنوات، ليكشف بعدها عالم فضائي، كرّسه كاتجاه في الفن، فكان ملهماً للكثيرين.
“نذير نبعه”.. استلهم من ذاكرته الطفولية الأولى، سياج الرمان والجوري، وتلك النسوة البصّارات ضاربات الودع، نموذجاً جمالياً لتجربته الفنية.. كلّ هذا كان في محيط بستان العائلة في المزة، وقد جمع كلّ هذا السحر في مرحلة دمشقيات، حيث كشف عن الجمال في كلّ هذه المكونات، وجعلنا نراه عبر نسوة يتزينّ بالسحر والعقود والأساور، جامعاً ما بين رؤيته الحلمية للأنثى، ورؤيته الجمالية لدمشق والمرأة الدمشقية.. هذا النموذج الذي ينحاز للمدينة والطبيعة والأنثى، يكشفه “نبعه” كحقيقة حلمية أصبحت موجودة في ذاكرتنا نحن، وهكذا نكون قد تشاركنا الذاكرة والنموذج والمعنى والمشاعر والجمال مع “نبعه”..
حصل ذلك أيضاً، مع “لؤي كيالي” عندما رسم الأطفال وهم يبيعون العلكة والبوظة والجرائد وغير ذلك، مبرزاً الشقاء في تعابير وجوههم وأيديهم، ليس لأنه يريد تصوير قسوة الحياة عليهم وحسب، بل ليتبنّى مقولة جده الكيالي، آخر أصحاب الطريقة القادرية في حلب، والتي تقول: “سأكون خادماً لنعال الفقراء” وهذا من تعاليم تلك الطريقة، وعندما رسم “كيالي” ماسح الأحذية، كشف عن هذه المقولة الإنسانية في العطاء والخدمة، وإذا ما توسّعنا أكثر، سنتعرف على خصوصيات كثيرة لفنانين، أرادت الحياة من خلالهم التعريف عن ذاتها ومعناها.
الفنان “ياسر حمود” ومن منطلق وعيه الطفولي لإشارات الأب التي تتعلّق بالمعنى والجوهر، سلك طريق النغم اللوني أو بتعبيرٍ أدق، أرادت له الحياة أن يسلك طريق السياحة الروحية عبر اللون، فكان أن تعرفنا من خلاله وعبر تجربته التجريدية، على أبعاد وطبقات للزمان والمكان، في كشفه الروحي والجمالي عن المعنى، حتى أنه اليوم رسخ طريقة لسماع ورؤية اللحن الكوني ـ من وجهة نظري ـ وهكذا العديد من الفنانين وإن كانوا قلة.. الأمر ليس سهلاً أن نتعرف على نموذجنا الجمالي.. إنه يخضع لإرادة الحياة وحقيقة صدقنا وبحثنا.
هكذا نجد أن الفنان ابن ذاكرته الأولى، ولكن الفنان المبدع هو من تأمّل كثيراً في هذه الذاكرة، وحوّلها إلى تأمّلٍ فعّال عبر تكثيفها في منتج فني، وكثيراً ما تشكّل الذاكرة الأولى طريقاً لمعرفة الحياة والمستقبل، فليس خياراً أن تكون فناناً، إنها إرادة الحياة، والحياة تعرف الأكثر”..

آخر الأخبار
الاحتلال يتمادى بعدوانه.. توغل واعتقال 7 أشخاص في جباتا الخشب بريف القنيطرة  تحضيرات في درعا لمشاريع تأهيل مرافق مياه الشرب والصحة والمدارس  حريق كبير يلتهم معملاً للكرتون في ريف حلب الغربي  حضور لمنتجات المرأة الريفية بالقنيطرة في "دمشق الدولي" واشنطن وبكين.. هل تتحول المنافسة الاقتصادية إلى حرب عسكرية المجاعة في غزة قنبلة موقوتة تهدد الأمن العربي "إسرائيل" تخسر معركة العلاقات الدولية وتفقد قوة لوبيها بالكونغرس ماكرون: ممارسات "إسرائيل" في غزة لن توقف الاعتراف بدولة فلسطين الذكاء الاصطناعي شريك المستقبل في تطويرالمناهج التعليمية إطلاق مشروع إعادة تأهيل محطة مياه "بسيدا" في معرة النعمان الانتخابات التشريعية.. محطة مهمة في بناء مؤسسات الدولة وتوسيع المشاركة الوطنية  أيقونة الصناعات الدوائية.. "تاميكو" تبرز في معرض "دمشق الدولي" محافظ إدلب يناقش مع جمعية عطاء مشاريع التنمية وترميم المدارس عروض مغرية لا تجد من يشتريها.. "شعبي أو خمس نجوم": أسعار الخضار والفواكه تحلق السويعية تنهض من جديد.."حملة العزاوي للعطاء" ترسم ملامح الأمل والبناء استراتيجيات لمواجهة الجفاف وحماية الإنتاج الزراعي والحيواني في طرطوس صيانة مستمرة لواقع الشبكات وآبار المياه في القنيطرة مرسوم ترخيص المؤسسات التعليمية الخاصة خطوة نوعية لتعزيز جودة التعليم المدينة الصناعية في الباب.. معجزة صناعية تنهض من تحت الركام ملفات التعثّر من عبء اقتصادي إلى فرصة لاستدامة النمو المالي