ديب علي حسن:
من المعروف أن اللغة اي لغة هي كائن حي ينمو ويتطور بتطور من يتكلمها ويموت بموتهم وبالتالي ما يجري عليهم من متغيرات تنطبق على اللغة..
من هنا نجد أن المفردات لم تبق عند معانيها المادية الأولى في اللغة ومنها اللغة العربية… فهل جربت مثلاً أن تبحث عن معنى زعل.. أو معنى مجد أو معنى منوال.. أو عقل..؟ بالتأكيد ستجد عشرات المعاني المختلفة والتي لا تتوقعها..
مناسبة الحديث عن هذا ما يتداوله الكثيرون عن معنى كلمة مطر.. ويدعون إلى عدم استخدامها بمعنى الماء النازل من السماء… وفي هذا ظلم وعدم معرفة بمعاني اللغة.. فقد جاء في لسان العرب بمعنى المطر( المطر مطر: الْمَطَرُ: الْمَاءُ الْمُنْسَكِبُ مِنَ السَّحَابِ وَالْمَطَرُ: مَاءُ السَّحَابِ ، وَالْجَمْعُ أَمْطَارٌ. وَمَطَرٌ: اسْمُ رَجُلٍ ؛ سُمِّيَ بِهِ مِنْ حَي ْثُ سُمِّيَ غَيْثًا ، قَالَ: لَامَتْكَ بِنْتُ مَطَرٍ ، مَا أَنْتَ وَابْنَةَ مَطَرْ وَالْمَطَرُ: فِعْلُ الْمَطَرِ ، وَأَكْثَرُ مَا يَجِيءُ فِي الشِّعْرِ وَهُوَ فِيهِ أَحْسَنُ ، وَالْمَطْرَةُ: الْوَاحِدَةُ. وَمَطَرَتْهُمُ السَّمَاءُ تَمْطُرُهُمْ مَطْراً وَأَمْطَرَتْهُمْ: أَصَابَتْهُمْ بِالْمَطَرِ ، وَهُوَ أَقْبَحُهُمَا ، وَمَطَرَتِ السَّمَاءُ وَأَمْطَرَهَا اللَّهُ وَقَدْ مُطِرْنَا.
وَنَاسٌ يَقُولُونَ: مَطَرَتِ السَّمَاءُ وَأَمْطَرَتْ بِمَعْنًى. وَأَمْطَرَهُمُ اللَّهُ مَطَرًا أَوْ عَذَاباً، ابْنُ سِيدَهْ: أَمْطَرَهُمُ اللَّهُ فِي الْعَذَابِ خَاصَّةً كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ، وَقَوْلُهُ – عَزَّ وَجَلَّ -: وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ؛ جَعَلَ الْحِجَارَةَ كَالْمَطَرِ لِنُزُولِهَا مِنَ السَّمَاءِ. وَيَوْمٌ مُمْطِرٌ وَمَاطِرٌ وَمَطِرٌ: ذُو مَطَرٍ ؛ الْأَخِيرَةُ عَلَى النَّسَبِ. وَيَوْمٌ مَطِيرٌ: مَاطِرٌ. وَمَكَانٌ مَمْطُورٌ وَمَطِيرٌ: أَصَابَهُ مَطَرٌ. وَوَادٍ مَطِيرٌ: مَمْطُورٌ. وَوَادٍ مَطِرٌ، بِغَيْرِ يَاءٍ: إِذَا كَانَ مَمْطُوراً، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: فَوَادٍ خَطَاءٌ وَوَادٍ مَطِرْ وَأَرْضٌ مَطِيرٌ وَمَطِيرَةٌ كَذَلِكَ؛ وَقَوْلُهُ؛يُصَعِّدُ فِي الْأَحْنَاءِ ذُو عَجْرَفِيَّةٍ أَحَمُّ حَبَرْكَى مُزْحِفٌ مُتَمَاطِرُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْمُتَمَاطِرُ الَّذِي يَمْطُرُ سَاعَةً وَيَكُفُّ أُخْرَى.
ابْنُ شُمَيْلٍ: مِنْ دُعَاءِ صِبْيَانِ الْعَرَبِ إِذَا رَأَوْا حَالًا لِلْمَطَرِ: مُطَّيْرَى. وَالْمِمْطَرُ وَالْمِمْطَرَةُ: ثَوْبٌ مِنْ صُوفٍ يُلْبَسُ فِي الْمَطَرِ يُتَوَقَّى بِهِ مِنَ الْمَطَرِ ؛ عَنِ اللِّحْيَانِي. وَاسْتَمْطَرَ الرَّجُلُ ثَوْبَهُ: لَبِسَهُ فِي الْمَطَرِ.
وَاسْتَمْطَرَ الرَّجُلُ أَيْ: اسْتَكَنَّ مِنَ الْمَطَرِ. قَالُوا: وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْمِمْطَرَ لِأ َنَّهُ يَسْتَظِلُّ بِهِ الرَّجُلُ ، وَأَنْشَدَ؛أَكُلَّ يَوْمٍ خَلَقِي كَالْمِمْطَرِ الْيَوْمَ أَضْحَى وَغَدًا أُظَلَّلُ؛وَاسْتَمْطَرَ لِلسِّيَاطِ: صَبَرَ عَلَيْهَا. وَالِاسْتِمْطَارُ: الِاسْتِسْقَاءُ ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ؛اسْتَمْطِرُوا مِنْ قُرَيْشٍ كُلَّ مُنْخَدِعٍ أَيْ: سَلُوهُ أَنْ يُعْطِيَ كَالْمَطَرِ مَثَلاً.
وَمَكَانٌ مُسْتَمْطِرٌ: مُحْتَاجٌ إِلَى الْمَطَرِ وَإِنْ لَمْ يُمْطَرْ ؛ قَالَ خِفَافُ بْنُ نُدْبَةَ؛لَمْ يَكْسُ مِنْ وَرَقٍ مُسْتَمْطِرٌ عُودَا وَيُقَالُ: نَزَلَ فُلَانٌ بِالْمُسْتَمْطَرِ أَيْ: فِي بِرَازٍ مِنَ الْأَرْضِ مُنْكَشِفٍ ؛ قَالَ الشَّاعِرُ؛وَيَحِلُّ أَحْيَاءٌ وَرَاءَ بُيُوتِنَا حَذَرَ الصَّبَاحِ وَنَحْنُ بِالْمُسْتَمْطَرِ؛ وَيُقَالُ: أَرَادَ بِالْمُسْتَمْطَرِ مَهْوَى الْعَادَاتِ وَمُخْتَرَقَهَا. وَيُقَالُ: لَا تَسْتَمْطِرِ الْخَيْلَ أَيْ: لَا تَعْرِضْ لَهَا. الْفَرَّاءُ: إِنَّت ِلْكَ الْفِعْلَةَ مِنْ فُلَانٍ مَطِرَةٌ أَيْ: عَادَةٌ ، بِكَسْرِ الطَّاءِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: مَازَالَ عَلَى مَطْرَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَطِرَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَطَرٍ وَاحِدٍ: إِذَا كَانَ عَلَى رَأْيٍ وَاحِدٍ لَا يُفَارِقُهُ، وَتِلْكَ مِنْهُ مُطْرَةٌ أَيْ: عَادَةٌ ، وَرَجُلٌ مُسْتَمْطِرٌ: طَالِبٌ لِلْخَيْرِ ، وَقَالَ اللَّيْثُ: طَالِبُ خَيْرٍ مِنْ إِنْسَانٍ. وَمَطَرَنِي بِخَيْرٍ: أَصَابَنِي. وَمَا أَنَا مِنْ حَاجَتِي عِنْدَكَ بِمُسْتَمْطِرٍ أَيْ: لَا أَطْمَعُ مِنْكَ فِيهَا ؛ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ.
وَرَجُلٌ مُسْتَمْطِرٌ: إِذَا كَانَ مُخَيِّلاً لِلْخَيْرِ؛ وَقَوْلُهُ أَنْشَدَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ؛وَصَاحِبٍ، قُلْتُ لَهُ، صَالِحٍ: إِنَّكَ لِلْخَيْرِ لَمُسْتَمْطَرُ؛ فَسَّرَهُ فَقَالَ: مَعْنَاهُ إِنَّكَ صَالٍ بِهِ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَتَلْخِيصُ ذَلِكَ إِنَّكَ لِلْخَيْرِ مُسْتَمْطَرٌ أَيْ: مَطْمَعٌ.
وَمَزَرَ قِرْبَتَهُ وَمَطَرَهَا: إِذَا مَلَأَهَا.
وَحُكِيَ عَنْ مُبْتَكِرٍ الْكِلَابِيِّ: كَلَّمْتُ فُلَاناً فَأَمْطَرَ وَاسْتَمْطَرَ: إِذَا أَطْرَقَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: أَمْطَرَ الرَّجُلُ: عَرِقَ جَبِينُهُ ، وَاسْتَمْطَرَ: سَكَتَ. يُقَالُ: مَا لَكَ مُسْتَمْطِراً أَيْ: سَاكِتًا.
ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْمَطَرَةُ الْقِرْبَةُ؛ مَسْمُوعٌ مِنَ الْعَرَبِ.
وَمَطَرَتِ الطَّيْرُ وَتَمَطَّرَتْ: أَسْرَعَتْ فِي هُوِيِّهَا.
وَتَمَطَّرَتِ الْخَيْلُ: ذَهَبَتْ مُسْرِعَة ً.).
خلاصة القول: إن السياق هو الذي يحدد معنى المفردة التي نتداولها وهذا معروف وقد أشار إليه علماء اللغة… ولذا علينا أن نتنبه إلى ذلك، ولابد من الإشارة إلى أن الزمخشري كان قد تتبع معاني المفردات في معجمه المهم أساس البلاغة.