الثورة:
نعى اتحاد الكتاب العرب في سورية الكاتب والناقد العربي الفلسطيني الدكتور حسام الخطيب عن عمر ناهز ٩٠ عاماً، بعد أن أغنى المشهد الثقافي والحركة الأدبية بعشرات الكتب الرصينة، التي شكلت إضافة نوعية للمكتبة العربية، منها: ملامح في الأدب والثقافة، القصة القصيرة في سورية، الثقافة والتربية في خط المواجهة، روايات تحت المجهر.
درس الناقد الراحل في قسم اللغة العربية في جامعة دمشق وتخرج فيها عام ١٩٥٤، والراحل عضو في اتحاد الكتاب العرب، عضو جمعية النقد الأدبي، وكان عضواً في المكتب التنفيذي لاتحاد الكتاب العرب دورتين متتاليتين من عام ١٩٨١- ١٩٨٤ ومن عام ١٩٨٥، ١٩٨٩.
إن وفاة الناقد والباحث الدكتور حسام الخطيب تشكل خسارة كبيرة للمشهد الثقافي والحركة النقدية الأدبية العربية، كما أنها فقدان لشخصية ثقافية ونقدية شكلت علامة فارقة في المشهد الثقافي العربي لعقود طويلة.
وبهذه المناسبة الأليمة يتقدم اتحاد الكتاب العرب في سورية بأصدق التعازي من عائلة الفقيد الراحل، ومن جميع الكتاب والمثقفين والنقاد في سورية وفلسطين والوطن العربي، سائلين المولى أن يلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.
وكانت صحيفة الثورة قد أجرت معه لقاء مطولاً عام ٢٠٠٧م، ونشر على صفحة كاملة.. وكتب فيها الراحل مقالات فكرية لعدة سنوات..
من الحوار الذي فتح فيه دفاتر الذاكرة نستعيد بعضاً مما باح به:
لنفتح دفاتر الذاكرة – ونقف عند أبرز ملامح الطفولة والدراسة..
الطفولة ملأى بالأماني العذاب والطموح، واذا كنت أريد أن أقف عند محطات من هذه المرحلة فإني أقول: إن تاريخي له جذور بعيدة في أيام الدراسة، وكذلك تاريخ العائلة درست في مدرسة صفد حتى الأول الثانوي، وفي المدرسة كنت مسؤولاً عن مكتبتها الغنية آنئد بما يناسب الطلاب.. كان ذلك في منتصف الاربعينات، وكانت كل اوقات فراغي مشغولة إن صح هذا التعبير بترتيب الكتب والعناية بها وإعارتها لزملائي، لأساتذتي الذين كنت أنصحهم أن يطالعوا هذا الكتاب أوذاك.
وأود أن أقول: إن هذا لم يأت من فراغ، فقد كان أبي معلم مدرسة.. ثم مديراً للمدرسة الابتدائية التي تخرجت فيها، وقد ترسخت في نفسي عقدة عذبتني طوال حياتي ألا وهي عقدة المعرفة وحب التفوق. أقول: عقدة لأنها تطارد الإنسان في كل مناسبة، وأشير هنا إلى إن أبي -رحمه الله- لم يكن ليتسامح معي إذ حاول أن يجعلني قدوة للطلبة، وكان يوبخني ويعاقبني قبل غيري، فأكسبني بذلك صفات يعتبرها الناس جيدة، ولكن الآن حين أفكر بها أعتبرها ( مقلقة).
– إحسان عباس كان استاذي..
في المرحلة الثانوية كان لدينا أساتذة مخلصون جداً، وحريصون جداً على الطلبة وعلى الاخلاق والسلوك أيضاً، ومن هؤلاء المرحوم الناقد الكبير إحسان عباس، وكان هو إلى جانب أستاذ الرسم الأستاذ الوحيد الذي ضربني في المدرسة الثانوية، ليس بسبب كسلي، ولكن بسبب مغالاته في الحرص على تنظيم الطلبة يوم يكون مناوباً، ولم يقبل عذراً لطالب، والغريب في الأمر أن المرحوم إحسان عباس تحول عندما كبر وكأنه ندم على تلك المرحلة، ومن يعرف إحسان عباس لا يصدق أنه كان بتلك القسوة التي أحدثك عنها.
– وكانت النكبة..
دخلت في المدرسة إلى الأول الثانوي قبل أن تأتي النكبة ويشردنا الصهاينة ونطرد طرداً قاسياً، توجهنا إلى لبنان عام 1948م وثمة ذكريات أليمة ومحزنة لا أريد ان أنكأ جراحها الآن ولا أسعى لأن أدونها، بعد فترة أتانا أحد اساتذتي المرحوم ( قاسم حمد) وقال: ماذا تفعلون في لبنان؟ سورية تفتح قلبها للاجئين والوضع والظروف هناك في سورية أفضل بكثير، وكان والدي يظن أننا سوف نعود قريباً لذلك لم يبتعد عن شمال فلسطين.
– في الشاحنة الى سورية..
بعد الإلحاح على والدي من أجل الذهاب إلى سورية استأجرنا شاحنة أوصلتنا إلى دمشق في أول صيف عام 1948م.
في دمشق انتسبت الى مدرسة أهلية وقفزت من الأول الثانوي وتقدمت إلى الثانوية العامة، وكانت العقبة أن الثانوية في ذلك الحين كانت تتطلب لغة أجنبية وأخرى فرعية، اخترت الفرنسية الى جانب الانكليزية، وتلقيت بعض الدروس في الفرنسية، ساعدتني اللغة الانكليزية على النجاح في امتحان الثانوية 1948-1949 م على الرغم من الظروف القاسية التي كانت تعيشها أسرة مؤلفة من أبوين و7 أولاد في غرفة واحدة كانوا ينامون وكنت أحضر للامتحان.
* في بداياتك توجهت إلى الصحافة.. ومن ثم الأدبين العربي والانكليزي ما السر في هذا التحول؟
– لم تكن امامي فرص في تلك المرحلة سوى البحث عن منفذ أو مخرج لأكتب وأنشر، وهذا حلمي منذ الصغر، قرأت إعلاناً عن مدرسة صحافة بالمراسلة في مصر، ورغم فقري الشديد دفعت الاشتراك ولم يكن هيناً.
– من مؤلفاته..
الثقافة والتربية في خط المواجهة، وزارة الثقافة السورية، دمشق، 1983، روايات تحت المجهر، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1983، تاريخ علم الأدب عند الإفرنج والعرب وفيكتور هوكو (تحرير وتقديم حسام الخطيب وتأليف روحي الخالدي)، اتحاد الكتاب الفلسطينيين، دمشق، 1984.