الثورة – حلب – جهاد اصطيف:
نظم فرع اتحاد الكتاب العرب بحلب بالتعاون مع مديرية الثقافة ندوة بعنوان “عمر أبو ريشة.. شخصيته من خلال شعره” بمشاركة الأستاذ محمد قجة والدكتور فايز الداية، وذلك في صالة تشرين بحي السبيل.
وتحدث بداية الباحث محمد قجة عن شخصية عمر أبو ريشة من خلال محاور عدة أولها الكبرياء الذاتي في شخصيته والثاني الكبرياء من خلال شعره الوطني وشخصيات وقف عندها مثل إبراهيم هنانو وسعد الله الجابري، والثالث الشخصيات التاريخية التي رأى فيها صورة لكبريائه مثل الخليفة المعتصم وخالد بن الوليد وسيف الدولة الحمداني، فيما قدم في محوره الرابع علاقته مع الشعراء ورأيه فيهم، خاصة الذين يحترمهم جداً مثل المتنبي والمعري وبشارة الخوري، وشعراء كان له ملاحظات عليهم أمثال ابن الرومي والبحتري وكثير من الشعراء المعاصرين.
كما تحدث في المحور الخامس عن موقفه من المرأة وظاهرة عزة النفس والكبرياء من خلال القصائد التي قدمها، ليخلص الباحث قجة إلى نتيجة أن الشاعر أبو ريشة يمثل الكبرياء العربي في شخصيته بكل المحاور التي قدمها.
بدوره الدكتور فايز الداية تحدث مطولاً عن سيرة الشاعر عامة، بمعنى لماذا نحكي عن حياته؟. حيث تناولها من جانبين الأول حياته ومواقع ومحطات فيها، بحيث تفيدنا في قراءة شعره ومن ثم عندما نأخذ هذه الإشارات لتكوين رؤية أعمق وسليمة ولاتذهب بنا بعيداً وتغير ما يريده الشاعر، ومن ثم الطريق الآخر عندما تناول أبو ريشة كشخصية ثقافية وتاريخية عاش في هذا الوطن في زمن معين، وكيف تم التفاعل بين المؤثرات والعوامل الشخصية، حتى أنتجت لدى الدكتور الداية هذه الدراسة التي قدمها بإيجابياتها وسلبياتها وإشاراتها التي هي دليل كما يقول لنا اليوم لأخذ الإيجابي وترك السلبي لبناء شخصية جديدة أو مبدعين أو أي تفاعل من نوع ما، فهي سجل من التاريخ وتعميق لرؤيتنا بكل عوامله ورؤية مستقبله فيه.
وركز الدكتور الداية على نقطة مهمة، ألا وهي أن الشاعر لم يكن يحكي عن حياته، وإنما بعض من حياته في شعره، وإلا كنا قرأنا شعره مرة واحدة كما يقول، فعندما يأخذ مواقع من حياته ومواقف ثم يعمقها لتكون إنسانية سنجد أنفسنا فيه، وهذا هو الأدب العظيم والخالد الذي يستمر، بمعنى أن أقرأ بعضاً من أحاسيسي وليس من أحاسيس أبو ريشة فقط بمحدوديتها أو بجزئياتها الصغيرة، وهكذا أكون قد قرأت اليوم لأرى بعضا من معالمها وأفسر شعره وأرى التاريخ ويكون لي ما أراه.
كما تحدث الداية عن رحلته مع الشاعر عندما كتب سيرته في كتاب “دلالات السيرة والأسلوب” من إصدار الهيئة العامة للكتاب والذي نفذ تماماً، وأنه الآن يطور هذه الدراسة توثيقاً وتحقيقاً وتتبعاً لكل حياة الشاعر في مراحلها ، من خلال الوثيقة المكتوبة والشاهدة المعترف بها أو القريبة منه، حتى جمع نقاطاً أساسية صححت كثيرا مما أشيع عنه ويؤخذ على أنه حقيقة، منوهاً إلى أن الكتابات عن الشاعر أبو ريشة في الكتب أو المقالات أو بالمواقع الإلكترونية سواء باللغة العربية أو الإنكليزية فيها أخطاء كثيرة، فجاء هذا العمل تصحيحاً لها بعد أن تم إنجاز الأعمال الكاملة تحقيقاً مع زميليه الأستاذ محمد قجة والدكتور سعد الدين كليب، الأمر الذي فتح الباب أمامهم لتصحيح أشياء عديدة ووضع المنهج العلمي من خلال الوثائق، سواء من الصحف أو الكتابات أو جمع الصور والشهادات من أقرباء الشاعر وأقرب الأقربين له ، وكذلك من شهود تاريخيين عاشوا معه، ليعطوا في النهاية فائدة نقدية أدبية لأعمال شاعرنا الكبير عمر أبو ريشة.
أغنى الندوة التي حضرها مدير الثقافة جابر الساجور وحشد من المهتمين بالشأن الثقافي العديد من النقاشات القيمة.
تصوير: هايك أورفليان