الثورة – تحقيق-جهاد اصطيف:
بتعدادها السكاني الكبير تعاني مدينة حلب أزمة كبيرة في النقل، وتحاول الجهات المعنية حلها باستخدام التكنولوجيا من خلال تركيب جهاز التتبع الإلكتروني « GPS » ، ومع ذلك تبدو المواصلات العامة غير قادرة على مواجهة مثل هذا التحدي حتى الآن، مثل الميكروباصات والسرافيس والباصات وسيارات الأجرة، أو حتى السيارات الشخصية التي تجوب شوارع حلب.
أزمة خانقة
يقول « محمد . ن « طالب سنة ثانية أدب عربي إن زمن الرحلة من مكان لآخر في حلب، يمكن أن يتجاوز ساعتين أحياناً، أي إن رحلتي الذهاب والإياب في أيام الدوام الخمسة أسبوعياً، قد تستغرق نحو /٢٠ / ساعة، إضافة إلى أن الرحلات المشتركة في سيارات الأجرة مرتفعة الثمن بسبعة أضعاف تقريباً قياساً لسعر أجرة الركوب في الباصات والسرافيس، وبين هذه وتلك ، نجد أن فوضى المواصلات ما تزال قائمة وتشهد لها كافة خطوط المدينة دون استثناء ، وإزاء هذا الوضع الفوضوي، فإن أي تجديد تكنولوجي سيكون محل ترحيب دون شك نأمل تنفيذه بالسرعة المطلوبة ، تخفيفاً عن معاناتنا اليومية من المواصلات .
« إسراء . ا » طالبة جامعية – سنة أولى زراعة قالت إن كل المواطنين بحلب يشعرون بأزمة المواصلات، ولا أحد يمكنه أن ينكر هذا الأمر ، تزامناً مع تراجع مستوى خدمات النقل العام فيها وعدم انتظام مواعيد تحركها ووصولها، مع عديد الوعود التي نسمع فيها بين الحين والآخر من قبل المعنيين لإيجاد حل مرض بهذا المرفق المهم ، فأصحاب السرافيس يتصرفون كيفياً ، منهم من ينقل الطلاب من وإلى معاهدهم ومدارسهم إلى بيوتهم ، ومنهم من ينقل العمال إلى مكان عملهم وبالعكس دون رقيب أو حسيب، وتردف : ماذا تبقى لنا ؟ وتجيب ، ما تبقى لنا لا يكفي سد الحاجة لذلك نقول إن «التطبيق الجديد» بات ضرورياً، على الأقل لمحاسبة أصحاب «المكاري» والسرافيس التي لا تعمل على خطوطها، وما أكثرها على حد قولها.
همُّ الجميع
أبو حسن «موظف» يقول: أطلت أزمة المواصلات برأسها على مشاهد مختلفة ، وفرضت نفسها على نقاشات عدة منها ، مجلس الشعب لأكثر من مرة وفي أروقة الحكومة وعبر الإعلام ووسائل التواصل بمختلف أنواعها ، لتنجح المساعي أخيراً عبر التطبيق الإلكتروني الجديد الذي اعتمد بدمشق وغيرها من المحافظات وأثبت فعاليته، رغم المنغصات التي سمعنا وقرأنا عنها، سواء من السائقين أو المعنيين .. ومع ذلك يضيف «أبو حسن» فإن المواصلات باتت «هم» الجميع الذي عليه أن يفكر ملياً بكيفية حفظ الراكب شيئاً من كرامته واطمئنانه حينما يريد الذهاب إلى وجهته حيث يشاء .
قاعدة بيانات
ولمعرفة المزيد عن واقع النقل بحلب من قبل المعنيين كشف بداية المهندس سائد بدوي مدير هندسة المرور والنقل في مجلس مدينة حلب أن قرار تركيب جهاز التتبع الإلكتروني بات جاهزاً، وسيشمل جميع خطوط النقل الداخلي بمدينة حلب، بما فيها باصات الاستثمار ، ولاحقاً باصات الشركة العامة للنقل الداخلي، مشيراً إلى أن تركيب هذه الأجهزة منوط بشركة « محروقات » التي تقوم بالإجراءات المطلوبة حالياً بعد تبليغ أصحاب السرافيس بضرورة مراجعة الشركة لهذه الغاية وفق برنامج زمني معين .
وأضاف بدوي أنه يتم حاليا تجهيز قاعدة بيانات تتضمن جميع مسارات خطوط السير الكيلو مترية لكل خط على حدة مع المعايرة، من أجل تحديد كمية استهلاك المركبة من المحروقات للدورة الواحدة، تمهيدا لإدخالها ضمن المنظومة، منوهاً إلى أن الغاية منها حصر عمل كل سرفيس على الخط المسجل عليه ، والأهم معالجة تسرب السرافيس التي تعمل خارج الخطوط المرسومة لها ، فضلاً عن وجود عناصر فرع المرور ومراقبتهم لكافة محاور المدينة ، في سبيل تأمين خدمة مرضية للمواطنين.
وضعٌ صعب
بدوره الدكتور ماهر خياطة عضو المكتب التنفيذي لمجلس محافظة حلب أوضح بداية أن المحافظة جهة ناظمة للقطاعات المعنية بالنقل من خلال لجنتي نقل الركاب المصغرة والرئيسية، وأن عمل اللجنة المصغرة التي تضم أصحاب الشأن معنية بمتابعة شؤون النقل من خلال اجتماعاتها لهذه الغاية، وتستعين ببعض الأحيان بجهات متداخلة بعمل النقل مثل مديرية التجارة الداخلية وشركة «محروقات» الغاية منها مناقشة الصعوبات التي تواجه وتعيق تقديم الخدمة المناسبة للمواطنين وإيجاد الحلول والمقترحات التي تفيد في تحسين واقع النقل بحلب، فضلا عن معالجة الحالات الطارئة، مبيناً أن أهم صعوبة تواجهنا في قطاع النقل هي عدم كفاية الوقود المخصصة لهذا القطاع من جهة، وقلة عدد باصات النقل الداخلي من جهة أخرى نظراً لوجود عدد كبير منها خارج الخدمة لأسباب متعددة ، ففي حلب يوجد « ١٦٣ باصاً » ٦٠ منها بالخدمة فقط، ويخصص منها أيضاً من « ١٥ إلى ١٨باصا ً» لخدمة القطاع التعليمي من المدينة إلى الريف و « ٥ باصات » تقوم بمهام مختلفة.
وأضاف خياطة أن المعيق الآخر يتمثل بضعاف النفوس من السائقين الذين يختبئون وراء قلة مادة «المازوت» وارتفاع سعرها في السوق، حيث يقوم هؤلاء ببيعها لقناعتهم أنها تحقق لهم أرباحا أسهل وأسرع، الأمر الذي ينعكس سلباً على مرفق النقل نتيجة هذا الفعل غير المقبول والمبرر منهم، مشيراً بالوقت نفسه إلى أن المحافظة حالياً بصدد تأمين وتركيب أجهزة التتبع الإلكتروني (G.P.S) على المركبات التي ستساهم دون شك وإلى حد كبير في ضبط وتقيد السائقين بالمسار المحدد لهم، وفي حال عدم تقيدهم سيتم اتخاذ إجراءات رادعة بحق المخالفين تصل إلى سحب البطاقة وإيقافها عن العمل وريثما يتم استكمال الإجراء المتعلق في سرعة الحصول على هذه الأجهزة من «محروقات» وتزويد المحافظة بها فور توفرها، نؤكد أنه تم استيفاء رسم أكثر من « ٢٠٠٠» مركبة وفق ما أفادنا به مدير «محروقات» بحلب، التي نأمل الإسراع في تركيبها لأنها ستساعد إلى حد مقبول في تحسين واقع النقل في المحافظة.
وكشف خياطة أنه ريثما تتم هذه الآلية نقوم حالياً بالرقابة المباشرة على حالات التقصير من قبل أصحاب الباصات والميكرو باصات سواء العامة أو الخاصة ونتخذ كافة الإجراءات اللازمة بحق المقصرين والمخالفين، منوهاً إلى أنه سيتم في القريب العاجل إدخال شركة جديدة لتخديم خط حلب الجديدة (شمالي _ جنوبي) بمعدل «٢٥» باصاً تمهيدا لنقل المركبات العاملة على هذا الخط لتعزيز خطوط أخرى تخفيفاً من الإزدحام والإختناقات الحاصلة في قطاع النقل.
وختم بالقول: لاشك أن وضع النقل بحلب صعب في ظل الظروف الحالية ولكن هذا لن يثنينا كجهات عامة وإدارية في المحافظة على العمل بالطاقة القصوى لتحسين سوية العمل المتعلق بواقع عمل النقل في المدينة والريف.
خيارات ضيقة
أمام ذلك نستطيع القول إن الخيارات حالياً ما تزال تضيق أمام المواطن للبحث عن بدائل لوسائل النقل العام التى ينقصها الإنضباط والرقابة، سواء كانت الميكروباص أو السرافيس أو التكاسي، ولتبقى الخلاصة إلى متى يبقى المواطن حائراً في تدبير وسيلة نقل منتظمة للتنقل بين عمله ودراسته وإقامته؟