الثورة- ترجمة ختام أحمد:
دعت ألينا دوهان المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالتدابير القسرية الأحادية إلى رفع العقوبات أحادية الجانب عن سورية وقالت: “في ظل الوضع الإنساني المأساوي الحالي والذي لايزال يتدهور ويعاني 12 مليون سوري من انعدام الأمن الغذائي، لذلك أطلب وأحث على الرفع الفوري لجميع العقوبات الأحادية الجانب التي تضر بشدة بحقوق الإنسان وتمنع أي جهود للتعافي المبكر وإعادة البناء وإعادة الإعمار.
وقالت دوهان: على المجتمع الدولي واجب التضامن والمساعدة والوقوف إلى جانب الشعب السوري ورفع العقوبات الانفرادية التي تؤدي إلى انتهاك حقوق الإنسان الأساسية.
وقد وجهت دوهان تحذيرات بشأن الأضرار الناجمة عن العقوبات منذ سنوات وحتى الآن لم تتخذ الحكومات الغربية المسؤولة أي إجراء لتخفيف معاناة الشعب السوري، فليس للشعب السوري مناصرون لهم في مراكز النفوذ في عواصم الغرب، وكثير من الغربيين الذين يدعون أنهم يتحدثون نيابة عن الشعب السوري لكنهم يدعمون السياسات التي تهاجمهم بشكل مباشر، وبينما الشعب السوري يتحمل مصاعب إضافية.
وأضافت: الحكومات الغربية تهنئ نفسها على عدم الأخلاقية في جعل الحياة أكثر صعوبة لعشرات الملايين من الناس في ظل هذه الظروف، فالحكومات الغربية تفرض العقوبات بشكل متعجرف بكل بساطة لكنها لا تشعر أبداً بأي ضغط لرفعها وغالباً ما تكون هذه العقوبات مدمرة وفي المكان الخطأ.
يقوم المدافعون عن العقوبات دائماً بإتباع سياسة الشك في أن التدابير القسرية المفضلة لديهم مفيدة ،حتى إثبات العكس، لكن عبء الإثبات يجب أن يقع دائمًا على أولئك الذين يدعمون الحرب الاقتصادية ضد السكان.
يجب على دعاة العقوبات إثبات أن الحرب الاقتصادية التي يريدون شنها على دولة أخرى لن تسبب ضررًا أكثر من نفعها، وإذا لم يتمكنوا من فعل ذلك أو لم يفعلوا ذلك فلن تكون هناك عقوبات واسعة مفروضة.
لا ينبغي على منتقدي العقوبات الانتظار لتوثيق المعاناة الحتمية التي تسببها الحرب الاقتصادية دائمًا، وعندها فقط يكون لديهم نقاش حول مزايا السياسة لأن وقت النظر في التكاليف والأثر التدميري لسياسة ما هو قبل تنفيذها وليس بعده.
ساهم قانون “قيصر” الأمريكي بشكل كبير في تفاقم الأزمات الاقتصادية والإنسانية في سورية، و كان من الواضح أن هذه العقوبات والتهديد بفرض عقوبات ثانوية على أي شخص يحاول القيام بأعمال تجارية في سورية قد ألحقت أضرارًا جسيمة بالشعب السوري.
وصفت ناتالي أرمبروستر آثار العقوبات الواسعة في وقت سابق من هذا العام قائلة: “إن العقوبات لم تحقق أهدافها السياسية حتى الآن ولم تحصل إلا على القليل القليل من التنازلات ولم يحصل أي تغيير ذي مغزى، على الرغم من نجاحها في تحقيق العدالة العقابية على المواطنين، ونلاحظ أن استراتيجية العقوبات الأمريكية في سورية لا تعاقب أي شخص بعينه بل تعاقب السوريين على حد سواء، يعيش حالياً تسعة من كل 10 سوريين في فقر، وأكثر من ستة من كل 10 يواجهون خطر الجوع وهذا كله بفضل العقوبات الأمريكية التي تفاقم الوضع الاقتصادي المتضخم في سورية من خلال منع التعاون الاقتصادي المحتمل مع الشركاء الإقليميين أو الدوليين الراغبين في المساعدة.
حقاً إن الحرب الاقتصادية فعل شنيع وخاصة على السكان الذين عانوا عقداً من الصراع المسلح والمدمر، لكن هذا ما تفعله الولايات المتحدة لسورية منذ سنوات.
تتزين هذه الحرب الاقتصادية بخطابات طنانة شعارها المساءلة والعدالة، لكن لا توجد عدالة يمكن تحقيقها من خلال رفع الأسعار التي يدفعها الناس العاديون مقابل السلع الأساسية وتجويع بلد بأكمله.
استمرت الأوضاع في سورية في التدهور على مدار العام وحذرت اليونيسف مؤخرًا من أن الأمور ستزداد سوءًا مع بداية فصل الشتاء، فمنذ كانون الثاني2022 ، ارتفعت أسعار الوقود والسلع الأساسية بشكل كبير، نتيجة لذلك لن تتمكن العديد من العائلات السورية من التعامل مع الشتاء القادم وتوفير الطعام والملابس الدافئة لأطفالها.
العقوبات الواسعة ليست السبب الوحيد لمشاكل الشعب السوري الاقتصادية، لكنها بالتأكيد سبب مهم في جعل كل شيء أكثر تكلفة وجعل الحياة أكثر صعوبة، فلا شيء جيد يمكن أن يأتي من استخدام تدابير قسرية تساهم في تجميد وتجويع الأبرياء، ولكن نادراً ما تتم مناقشة هذه الإجراءات ولا تتم مناقشتها بجدية على الإطلاق، فقد صوّت الكونغرس لصالح هذه الإجراءات وبدأت إدارة ترامب في تطبيقها، ولا يُسمح للشعب الأمريكي في معرفة السياسة الخارجية لحكوماته وما تفعله من عقوبات على المدنيين الأبرياء.
كما قالت أرمبروستر في مقالها: “لا يوجد مبرر استراتيجي أو أخلاقي للعقوبات بل ثبت أنها وسيلة مدمرة للسكان وليس لها نهاية، وبالرغم من هذا كله يحاولون إظهار هذه العقوبات أنها نبيلة من الناحية النظرية”.
سأذهب إلى أبعد من ذلك وأقول إن العقاب الاقتصادي الجماعي للسكان لا يمكن تبريره حتى لو “نجح” في تعزيز سياسة معينة أو أهداف سياسية، بل في الحقيقة أن العقوبات الواسعة مدمرة وغير فعالة تؤكد فقط مدى عدم جدواها كأداة سياسية.
المصدر: انتي وور