بعد أكثر من عقد من الحرب العدوانية الهمجية علينا كسوريين، وعلى سورية الدولة والوطن والحضارة والعروبة والتاريخ، يمكن لنا أن نقف لحظات تأمل قد تطول وتقصر، وبالتأكيد فعلنا ذلك جميعنا، لو جربنا أن نكون منصفين بغض النظرعما نلغو به كثيراً من آلام الشكوى والعتب، ونحن محقّون في الكثير الكثير مما نشكو منه، لو جربنا أن نقف عند صفحات أخرى ماذا نقول؟.
من يزر المشافي الحكومية ولاسيما الجامعية منها: (المواساة مثلاً) فإنه يعترف مهما كان والغاً في الثرثرة غير المجدية أن الدولة مازالت تقوم بالكثير مما تعجز عنه دول لم تعبر هذه المحن، ولسوف يقف باستعداد واحترام لكلّ طبيب وممرض وكادر إداري، وقس على ذلك الكثير الكثير من مؤسسات مازالت وستبقى قوية نابضة بروح العمل والتفاني، وهذا جانب يجب ألا يغيب عن البال.
ومن المفارقات مثلاً أنه إذا كان صاحب حاجة ما في مؤسسة التأمينات الاجتماعية، فسوف يجمع النقيضين تماماً، موظف من الرقي والاحترام بحيث يجعلك تشعر أنك الموظف وهو المراجع، وآخر على النقيض تماماً، ما إن تبادره بسؤال حتى يعبس ويكفهر، ويبدو قلقاً، يفتح الدرج ويغلقه مرات ومرات، ولم أدر سر هذه الحركة أبداً (لا أقول الحقيقة).
وفي مؤسسة الهاتف مثلاً ستدفع أرفع الفواتير لأسوأ الخدمات، وينقطع خطك، وعامل الإصلاح يغلق محموله، لايرد إلا على أرقام محددة يعرفها، تسجّل الشكوى، إن لم تكن على معرفة بأحد ما، عليك الانتظار، المفارقة هنا ومن تجربة إن الإدارات في هذه المؤسسة تستجيب بالسرعة القصوى وتوجه من يجب إلى تنفيذ مهامه، العلة فيمن يجب أن يكون على تعامل يومي مع الناس.
وفي تفاصيل ما جرى من رفع لأسعار أو تعرفة الركوب في الحافلات الصغيرة – مثلاً- خط مهاجرين صناعة مزدحم بشكل كبير، وكل نصف كيلو متر يتم التبديل، ومع ذلك تجد سائق حافلة يخاطب الركاب:واصل لكراج الست..واللي ما عجبه ينزل.
وكل نصف كيلو متر 400 ليرة..من الذي قرر وكيف، ولماذا؟.
على ما يبدو أن ضبط إيقاع الكثير من القضايا يحل بطرق ملتوية فلا يأتي بالنتائج المرجوة أبداً، ولكن السؤال الذي يطرح في هذه المفارقات كلها: لماذا هنا نرى الجانب الإيجابي بأفضل صوره، وهناك على العكس تماماً، نحن بخير لو أن ضميرنا بخير، صحيح أننا محاصرون، لكن الحصار الأقسى والأمر هو حصارنا لأنفسنا، وانعدام المساءلة والضرب بيد من حديد، أديروا النزر اليسير مما لدينا بالشكل الصحيح، أو شبه الصحيح فهو كاف ونحن مقتنعون به، وسنعلن أننا معكم حين نرى أنكم تحاولون فعل ذلك، ولكن ……………………….. ؟