يمارس حلف الناتو سياسة التصعيد على الساحة الدولية لضمان بقاء الهيمنة الأميركية على العالم، وفي خضم خوضه حرباً بالوكالة ضد روسيا على الأرض الأوكرانية، يتجه لإشعال فتيل حرب أخرى ضد الصين عبر البوابة التايوانية، إذ عقد الحلف مؤخراً جلسة مباحثات حول “التهديد الصيني لتايوان”، بتشجيع من الولايات المتحدة، حسب ما ذكرته صحيفة فايننشال تايمز، وهي المرة الأولى التي يناقش فيها الحلف مسألة تايوان.
تخصيص “الناتو” أحد اجتماعاته للتباحث حول تايوان، يشير بشكل واضح إلى أن الحلف يسعى لأن تكون تايوان جزءاً من التحالفات العدائية التي تنشئها الولايات المتحدة ضد الصين، وهذا سيكون له تداعيات كبيرة على أمن واستقرار منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث لن تقف بكين مكتوفة الأيدي إزاء ما يحضر لها من سيناريوهات أميركية، على غرار ما يحصل في أوكرانيا، وكذلك فإن ألعاب الناتو بالنار في تلك المنطقة تشكل تهديداً ومخاطر لروسيا، وفق ما أكده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وبالتالي فإن موسكو ستبذل قصارى جهدها للحفاظ على أمنها، وهي تكثف تعاونها مع الصين لدرء تهديدات الناتو تجاه البلدين، ولعل المناورات الجوية المشتركة التي أجراها سلاحا الطيران في البلدين فوق المحيط الهادئ، أبلغ رسالة جوابية على تهديدات الحلف المتصاعدة.
قادة “الناتو” سبق أن اتفقوا في حزيران الماضي، على أن الصين تمثل “تحدياً منهجياً”، كما حذروا من تعميق الشراكة الإستراتيجية بين بكين وموسكو، وسبق للولايات المتحدة أيضاً أن وضعت الصين إلى جانب روسيا في قائمة ألد أعدائها، وبأنهما يشكلان خطراً استراتيجياً عليها، وهذا مؤشر قوي إلى أن الغرب الجماعي بقيادة أميركا يهيئ الأرضية لمرحلة تصادم عسكري على الساحة الدولية غير محسوبة النتائج، حيث مواصلة الانزلاق نحو منحدر المواجهة مع روسيا والصين، سيمثل تهديداً خطيراً للأمن الدولي والاستقرار الاستراتيجي، والنتائج لن تكون في مصلحة الغرب، في ظل توازنات القوى الجديدة على المسرح العالمي.
موسكو وبكين سبق وقدمتا العديد من الحلول الدبلوماسية منعاً للمواجهة، ولكن واشنطن لم تزل ترفض كل المبادرات السلمية، وتقود الناتو نحو عسكرة العالم، للحفاظ على نفوذها وهيمنتها، ولكنها لن تكون وحلفاؤها في الحلف بمنأى عن تبعات أي حرب كبرى، تسعى لإشعالها على المسرح العالمي.

السابق
التالي