الثورة- حسين صقر:
انطلاقاً من أهمية شعور الإنسان بالخطأ والصواب، ولتنمية الحس بالمسؤولية، أُطلق العنان كي يأخذ الوجدان أو الضمير المساحة الواسعة للمحاكمة العقلية والمنطقية، وكي يأخذ تلك المساحة لابدّ من التفاعل والتمازج والتأثير المتبادل بين أفراد المجتمع.
ولكون الأسرة والمدرسة هما النواتان الأساسيتان اللتان تتشكل حولهما جميع دوائر المعرفة والمحاكمة، كانت الانطلاقة الأولى منهما، عبر مناهج وأساليب للتعريف بأهمية ذلك التفاعل الوجداني والعاطفي والاجتماعي، ولاسيما في ظلّ الظروف التي يمر بها وطننا، حيث بتنا أحوج ما نكون لهذه التربية النفسية والمعنوية، ولهذا كانت الحاجة ماسة لبعض المواد التي تعلم هذا النوع من التفاعل، وذلك بهدف تنمية المهارات الخاصة بهذا الخصوص.
مواجهة التحديات واتخاذ القرار
“الثورة” التقت مجموعة من الطلاب والمدرسين والذين أكدوا أن مادة التفاعل الوجداني تعلم مواجهة التحديات وكيفية اتخاذ القرار، والتعاون والتسامح، والمحبة والإصرار والإرادة، وكيفية إدخال السعادة إلى قلوب ونفوس الآخرين.
كيفية التفاعل
وقال التلميذ كنان لطف الله من الصف السادس: نستخدم بعض الألوان والأدوات واللواصق والأقلام لتطبيق التفاعل، ويتم تقسيمنا إلى عدة مجموعات، وذلك لتصميم بعض الهدايا مثلاً، لتقديمها في مناسبة ما، ثم يبدأ كل متعلم بتصميم الهدية، وكتابة العبارة المناسبة عليها، والتي تعبّرعن شعوره لإرسال تلك الهدية، ويكون عنوان النشاط إدخال السعادة إلى قلوب الآخرين، في الوقت الذي يتم فيه اختيار التفاعل مع مناسبة معينة.
فيما شرح طالب آخر عن كيفية تنمية احترام المحيط والتعاطف مع الناس وأصحاب الحاجات.
مشاركة المجتمع بأنشطة مفيدة
وشرحت الطالبة سلام الزغت من ذات الصف عن كيفية مشاركة الطلاب ببعض الأنشطة في الطرقات كحملات التشجير والنظافة وغيرها، لتنمية الحس بالمسؤولية، حيث يقوم المتعلم بتصميم لوحة تحفز على المشاركة وأهمية العمل الجماعي.
معرفة نقاط القوة والضعف
ومن الصف الخامس قال الطالب شادي الحليوة نتعلم معرفة نقاط القوة وكيفية الصمود والتواصل اللفظي والحسي مع المحيط، وذلك من خلال التطبيق العملي، حيث لكلّ نشاط طرقه الخاصة به.
تنمية الإبداع
وشاركت الطالبة مي محمود من الصف نفسه بتقديم فقرة تعبر عن تنمية الإبداع، وبناء المشاريع، وضبط الطاقة، وطرق حل المشكلات والخلافات بين الناس، وبينت أهمية التشاركية مع الأسرة في هذا الخصوص، وخاصة عندما يتعلق الموضوع بالشخص ذاته، وتحدث طلاب آخرين عن كيفية إعداد الرسائل والتعبير لمن حولنا عما يقدمونه من خدمات لنا.
تساعد المتعلمين على إدارة أنفسهم
وفي هذا الإطار وللتعرف على ماهية المادة أوضحت المدرسة أريج دخل الله أن التعلم الوجداني الاجتماعي يهدف إلى تعزيز التنمية الشاملة للمتعلمين من خلال التنظيم الذاتي والمثابرة والتعاطف، حيث يمكن لهذا النوع من التعلم معالجة ثلاثة مجالات الإدراك أي تعزيز مهارات تساعد المتعلمين على تنظيم سلوكهم وتذكر دروسهم، و مجال اجتماعي، أي تعزيز المهارات التي تساعد المتعلمين على العيش مع الآخرين، من خلال تعلم التعاطف والتعاون والاستماع وحل النزاعات، و المجال العاطفي، أي تعزيز المهارات التي تساعدهم على إدارة المشاعر مثل الغضب والإحباط والحزن.
استخدام المعرفة ونقلها للواقع
وقال المدرس سامر الدمشقي: يرتكز هذا المنهاج على أربع ركائز تعلم كيفية استخدام المعرفة، ونقلها إلى معرفة تطبيقية عملية حياتية، و التعلم لبناء الشخصية، و تعزيز الثقة بالنفس، و التعلم الاجتماعي، أي كيفية التواصل الإيجابي مع المحيط، و تعلم الدخول إلى سوق العمل، و ربط متطلبات الحياة الاقتصادية بما يخدم المجتمع والوطن.
زرع المحبة بين الأجيال
في هذا السياق قال رئيس شعبة التوجيه التربوي في مديرية تربية ريف دمشق عبد القادر عموري: إن إدراج التعلم الوجداني ضمن المنهاج وتعلمه، كان ضرورة حتمية في ظل الظروف التي يمر بها وطننا الغالي، وذلك بعد تلاشي الكثير من القيم، نتيجة الانفجار المعرفي الذي نشهده، ولهذا باتت الضرورة ملحة للتركيز على المادة العلمية، في ظل سعي الأهل وراء لقمة العيش نتيجة ضيق الأوضاع الاقتصادية وسوئها بسبب الحصار.
وأضاف عموري لهذا كانت خطة الوزارة واضحة لكونها الشريك الأساسي مع الأسرة في تربية وتنشئة الجيل، و كان لابدّ من تخصيص منهاج كامل للتعليم الوجداني لزرع المحبة من جديد بين أفراد المجتمع.
ومن هذا المنطلق إن التعليم الوجداني مادة غنية ومهمة ورديفة للمنهاج، و لا تلامس الناحية العملية فحسب بل تطرقها بشكل مباشر و كبير من خلال التفاعل والتأثير الحاصلين، لأنها تعلم الطالب أساليب حياتية كثيرة، وكيف يتعامل مع المواقف، وتراعي جميع النواحي النفسية والجسدية والمعرفية والانفعالية والتفسية، بشكل ينمي عند الطالب المهارات لكي يستطيع التعامل مع المحيط والمواقف الحياتية المختلفة، كما أنها تنمي شخصية الطالب من عدة جوانب، ولهذا فهي بالمعنى الأشمل مادة عملية محببة للطالب ويرغب بها لشعوره بالسعادة وقضاء وقت مهم ومفيد له وبذات الوقت بشكل عملي.
حالة صحية
ختاماً وتعليقاً على ماسبق نقول: إن التفاعل بشكل عام هو نوع من المؤثرات والاستجابات، و يشير إلى حالة صحية بين الأفراد، ويعني الاندماج بكل صوره وتفاصيله الوجدانية والعاطفية، وهو لا يؤثر في الأفراد فحسب بل يؤثر كذلك في القائمين على البرامج أنفسهم، بحيث يؤدي إلى تعديل طريقة عملهم مع تحسين سلوكهم تبعاً لتلك الاستجابات والتأثيرات، كما يشير إلى العمليات المتبادلة بين طرفين اجتماعيين فرد وجماعة صغيرة، أو كبيرة في موقف أو وسط اجتماعي معين ، بحيث يكون سلوك أي منهما منبهاً أو مثيراً لسلوك الطرف الآخر ، وعادة مايتم عبر وسيط معين، قد يكون الشارع أو الحي أو المدرسة، وذلك بهدف بث رسائل معينة ترتبط بغاية أو هدف محدد.