طبخة على عود ثقاب

يوم كان الشتاء دفئاً وحكايات وقصصاً تروى في سهرات الليالي الطويلة، ونحن متحلقون حول الآباء والأمهات، وكبار السن من الضيوف أو الأجداد، كان للشتاء سحره الذي لايقاوم مواقد الحطب تتقد، ولا تشعر أن ثمة برداً يتغلغل إلى عظامك ينخرها، يمضي الوقت على طوله، سريعاً تقطعه آلاف الحكايا التي يتوزع أدوارها الموجودون، هذا يروي قصة من الخيال، وذاك يستعيد سيرة عنترة أو الزير سالم.

المهم في الأمر أن حكاية مازالت عالقة في البال من تلك الحكايا الجميلة، تقول: إن شخصين تراهنا على أن من يبقى من ساعة محددة إلى الفجر جالساً في العراء والدنيا صقيع، يفوز برهن ما، لكن شرط ألا يتدفأ بأي وسيلة، قبل أحدهم الشرط، ومكث يعاني البرد طيلة فترة الزمن المحدد، وفي الصباح جاء الرجل الذي سيدفع الرهن، وسأله: هل تدفأت بشيء ما؟.

رد الرجل، والله: ياصديقي من بعد مسافات، وفي ذلك الجبل البعيد رأيت بصيص نار، فمددت يدي هنا، وتوححت دفئاً، قلت: ليتني قرب تلك النار.. قال له دافع الراهن: لقد خسرت الرهان، وإذا أردت أن نحتكم إلى أي أحد فأنا جاهز.

احتكما إلى رجل آخر، مال إلى دافع الرهن، وقال: لقد تدفأت، فخسر الرجل ما حلم به وتحمل من أجله البرد والإعياء.

لكنه أضمر في نفسه أن ينتقم ممن جعله يخسر، بعد فترة من الزمن، قرر دعوته إلى غداء دسم، جاءالرجل ومكث ساعات طويلة ولم يجهز الطعام، سأل مضيفه: هل تطبخ شيئاً ما؟.

نعم، افعل ذلك تعال لترى بعينيك، رأى الرجل (طنجرة) تحتها عود ثقاب، صاح غاضباً: أهذا العود الذي أشعلته للتو ينضج الطبخة؟.

رد الرجل المستضيف: بربك وهل تدفأت يداي على نار تبعد عني مسافات أيام؟.

حكاية، تخطر في البال، ونحن ننعم في ريف دمشق والكثير من المناطق بسوء التقنين الكهربائي، نصف ساعة إذا أتت الكهرباء، يتخلل النصف عشر دقائق انقطاع، عليك خلال الوقت الذي يمكن أن يبقى أن تنجز ما يمكن إنجازه، لا مازوت يوجد، فلتشعل السخانة الكهربائية، والغاز غائب أيضاً، أكداس الغسيل، وقس على ذلك، ومع هذا السحت في التقنين، تقرأ تصريحات لا تدري كيف يمكن لمن يطلقها ألايخجل من نفسه، أو من استهاره بالآخرين: التقنين عادل، أربع ساعات وصل، وساعتان قطع…

يا إلهي، من أين أتى هذا المسؤول، وكيف استطاع لسانه أن يقول ذلك؟.

هل تظن أنه لو كان لدينا فقط ساعتا وصل متواصلتان كنا نشكو؟.

ويخرج رجل أعمال يكتب على صفحته متحدثاً عن نعمة الكهرباء في منطقته، أنها لا تقطع في الليل، وقس على ذلك الكثير، وكم يكون عظيماً لو يصمت هؤلاء، بلاغة الصمت أفضل موقف وأبلغ تعبير، ألم يقل المتنبي ذات يوم:

لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد النطق إن لم تسعد الحال

آخر الأخبار
ريال مدريد يفتتح موسمه بفوز صعب  فرق الدفاع المدني تواصل عمليات إزالة الأنقاض في معرة النعمان محافظ إدلب يستقبل السفير الباكستاني لبحث سبل التعاون المشترك ويزوران مدينة سراقب رياض الصيرفي لـ"الثورة": الماكينة الحكومية بدأت بإصدار قراراتها الداعمة للصناعة "نسر حجري أثري" يرى النور بفضل يقظة أهالي منبج صلاح يُهيمن على جوائز الموسم في إنكلترا شفونتيك تستعيد وصافة التصنيف العالمي الأطفال المختفون في سوريا… ملف عدالة مؤجل ومسؤولية دولية ثقيلة مبنى سياحة دمشق معروض للاستثمار السياحي بطابع تراثي  "السياحة": تحديث قطاع الضيافة وإدخاله ضمن المعايير الدولية الرقمية  فلاشينغ ميدوز (2025).. شكل جديد ومواجهات قوية ستراسبورغ الفرنسي يكتب التاريخ اهتمام تركي كبير لتعزيز العلاقات مع سوريا في مختلف المجالات الساحل السوري.. السياحة في عين الاقتصاد والاستثمار مرحلة جامعية جديدة.. قرارات تلامس هموم الطلاب وتفتح أبواب العدالة تسهيلات للعبور إلى بلدهم.. "لا إذن مسبقاً" للسوريين المقيمين في تركيا مرسوم رئاسي يعفي الكهرباء من 21,5 بالمئة من الرسوم ..وزير المالية: خطوة نوعية لتعزيز تنافسية الصناعي... لقاء سوري ـ إسرائيلي في باريس.. اختبار أول لمسار علني جديد تركيب وصيانة مراكز تحويل كهربائية في القنيطرة زيارة وفد الكونغرس الأميركي إلى دمشق… تحول لافت في مقاربة واشنطن للملف السوري