الاحتلال سبب كل المشاكل والفوضى، وبزواله تزول تلك المظاهر السلبية، التي تعرقل الوصول لنتائج حقيقية على الأرض في سياق منطق الحوار السليم والقائم على الندية والاحترام التي تنادي به الدولة السورية.
والحقيقة تقول بكل وضوح لن يكون هناك أجواء مثمرة، دون إنهاء الاحتلال لبعض الأراضي السورية من أجل البدء بحوار حقيقي، والوصول إلى الأهداف والنتائج الملموسة التي تريدها سورية وجميع الأطراف التي تدعو إلى اللقاءات مع الدولة السورية، التي تحاور انطلاقاً من الثوابت والمبادئ الوطنية للدولة والشعب المبنية على إنهاء الاحتلال كشرط أساسي، يظهر الجدية في الحوار وبلوغ نتائج إيجابية على الأرض.
الاحتلال يترتب عليه إشاعة الفوضى، وزرع الفتنة، وخلق حالة من الانقسام بين أطياف المجتمع، ولا يزال أثره ممتدا حتى يومنا الحالي، في كثير من دول احتلت أراضيها أو أجزاء منها، ولن ننسى دور الاحتلال الأمريكي في تعزيز العنف في العراق، وما أسفر من نتائج مدمرة على المجتمع العراقي في مختلف المستويات.
الأفعال التي يرتكبها الاحتلال الأمريكي والتركي، في الأراضي السورية التي اغتصبوها ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وتشكل انتهاكاً سافراً لميثاق الأمم المتحدة، لذلك فإن إنهاء الاحتلال يعني زوال هذه الجرائم، ما يؤسس إمكانية بناء حوار، مثمر مع توافر النوايا الصادقة للأطراف التي تريد الحوار مع الدولة السورية التي أظهرت في كل مرة مصداقيتها ونواياها الحسنة لصياغة حوار ينهي الأزمة وينتج حلولاً نهائية وجذرية.
إطار “أستانا” هو الإطار الوحيد الذي تم من خلاله تحقيق منجزات على صعيد الوضع في سورية، وتمثل ذلك في مناطق خفض التصعيد، وكان يمكن لهذه الصيغة أن تحقق إنجازات أكبر فيما لو التزمت تركيا بمخرجات أستانا، وبالتفاهمات التي تم التوصل إليها مع موسكو، ولكن المشكلة كانت دائماً تملص تركيا وعدم التزامها بتعهداتها التي وقعت عليها، وفي مقدمتها احترام سيادة وحرمة وسلامة أراضي سورية.
ضمان الأمن والسلام والحوار الحقيقي لا يكون بالعدوان وانتهاك السيادة وسرقة الثروات، بل بالتعاون مع الدولة السورية، والأمن في كل الشرائع والقوانين مسؤولية جماعية، خصوصاً للدول المتجاورة، لأن أمن وسلامة الجيران يعني أمن وسلامة الجميع، بعيداً عن حجج ومنطق هدفه آن وأناني وهو تحقيق أجندات ومخططات، ستقود للمزيد من تصعيد الأوضاع، وهذا ليس من مصلحة أحد في المنطقة.
العدوان والمساس بالأراضي السورية انتهاك لسيادتها وعمل مدان بشدة، وسورية تقوم بكل ما يترتب عليها للدفاع عن حدودها وسلامة أراضيها وفقاً للقانون الدولي الذي يعطيها الشرعية في الدفاع عن سيادتها، وصد أي عدوان، ويبدو أن ساعة الحقيقة أزفت، وسورية هي من تعلن هذه الحقيقة الواضحة كالشمس، وتدافع عنها ضمن منطق سيادي وواقعي حلقته الأهم إنهاء الاحتلال لبعض أراضيها، وهذا حق لها، وعلى المجتمع الدولي مساندتها لبلوغ هذا الحق المشروع والأساسي لأي حوار.
موقف سورية ثابت من إنهاء الاحتلال، فالوجود الأجنبي غير الشرعي على الأراضي السورية سواء الأمريكي أو التركي أو غيره انتهاك للقانون الدولي، ويجب أن ينتهي فوراً دون أي شروط، وهذا الوجود يهدف أساساً إلى إعاقة تثبيت الاستقرار في سورية، وإجهاض الإنجازات التي حققتها الدولة السورية على كافة الأصعدة.
منهل إبراهيم