“ذا كريدل”: اتجاهات نحو نزع “دولرة” التجارة العالمية

الثورة – ترجمة ختام أحمد:
كان فرض القيود والعقوبات التجارية الأمريكية على عدد من الدول كروسيا وإيران وكوبا وكوريا الشمالية والعراق وسورية غير فعال سياسياً وأدى إلى نتائج عكسية ضد الاقتصادات الغربية، ونتيجة لذلك فقد الدولار الأمريكي دوره كعملة رئيسة لتسوية المطالبات التجارية الدولية.
ولأنهم لا يلتزمون بسياسات الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى فقد تعرضت أكثر من 24 دولة لعقوبات تجارية أحادية أو جزئية.
ومع ذلك فقد تبين أن هذه القيود ضارة باقتصادات مجموعة الدول السبع (G7) وبدأت في التأثير على هيمنة الدولار الأمريكي في التجارة العالمية.
بالمقابل برزت كتلة تجارية عالمية جديدة إلى الواجهة وتم إنشاء بدائل لنظام الرسائل المصرفية الغربي SWIFT للمدفوعات عبر الحدود، هذه الكتلة عبارة عن مجموعة من الدول متعددة الأقطاب الصاعدة في خططها لإزالة الدولرة والتنويع بعيدًا عن نموذج العولمة المتمحور حول الغرب لصالح نموذج أكثر ديمقراطية ومساواة وواحد فقط يتمحور حول الدول غير الغربية رداً على هذه الاضطرابات الاقتصادية والمالية.
سجل صندوق النقد الدولي (IMF) انخفاضاً في حيازات البنك المركزي من احتياطيات الدولار الأمريكي خلال الربع الأخير من عام 2020، والتي انخفضت من 71 في المائة إلى 59 في المائة، مما يعكس تراجع تأثير الدولار الأمريكي على الاقتصاد العالمي.
ويستمر الوضع في التدهور والدليل على ذلك أن حيازات البنك من المطالبات بالدولار قد انخفضت من 7 تريليونات دولار في عام 2021 إلى 6.4 تريليونات دولار في نهاية آذار 2022.
ووفقًا لتقرير تكوين العملات لاحتياطيات النقد الأجنبي الرسمية (COFER) الصادر عن صندوق النقد الدولي، فإن النسبة المئوية للدولار الأمريكي في احتياطيات البنك المركزي قد انخفضت بنسبة 12 في المائة منذ عام 1999، بينما أظهرت النسبة المئوية للعملات الأخرى، وخاصة اليوان الصيني ، نسبة اتجاه متزايد مع ارتفاع بنسبة 9 في المائة خلال هذه الفترة.
كما تؤكد الدراسة أن دور الدولار يتضاءل بسبب المنافسة من العملات الأخرى التي تحتفظ بها بنوك المصرفيين للمعاملات الدولية، بما في ذلك إدخال اليورو؟ وتكشف أن هذا سيكون له تأثير على كل من أسواق العملات والسندات. وتستمر احتياطيات الدولار في الانكماش، ومن هنا ولتعزيز التجارة العالمية والصادرات لابد من عملات بديلة فعلى سبيل المثال، ابتكرت الهند البنك الاحتياطي الهندي (RBI) في حزيران من العام الماضي، ووضعت آلية تسوية بالروبية لدرء الضغط على العملة الهندية في أعقاب الحرب بأوكرانيا والعقوبات الأمريكية الأوروبية، وقامت بإبرام اتفاقيات لتبادل العملات بقيمة 75.4 مليار دولار مع الإمارات العربية المتحدة واليابان ومختلف دول جنوب آسيا، كما أبلغت نيودلهي كوريا الجنوبية وتركيا بأسعار الصرف غير الدولار لعملة كل بلد حاليًا.
وتمارس تركيا نشاطًا تجاريًا باستخدام عملتي الصين (اليوان) وروسيا (الروبل).
كما اقترحت إيران على منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) عملة منظمة شنغهاي للتعاون شبيهة باليورو من أجل التجارة بين الكتلة الأوراسية للتحقق من تسليح النظام المالي العالمي الذي يهيمن عليه الدولار الأمريكي، وأبلغ مهدي سفاري نائب وزير الخارجية الإيراني للدبلوماسية الاقتصادية، وسائل الإعلام في وقت سابق في حزيران من العام الماضي أن منظمة شنغهاي للتعاون تلقت الاقتراح قبل نحو شهرين، الذي يقول إنه يجب عليهم استخدام مؤسسات متعددة الأطراف مثل بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون لتحقيق هذا الهدف وما يتصل بها من مؤسسات مثل مجمعات العملات وربما حتى إنشاء عملة جديدة يعتمد سعرها على سلة من عملاتها للتخفيف من آثار التجارة.
يتم إحياء ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب (INSTC) كمشروع لخرق العقوبات من قبل روسيا وإيران، و استقطب INSTC اهتماماً متجدداً من العديد من الدول بعد عقوبات الجحيم التي فرضها الغرب على موسكو، و تعمل روسيا الآن على وضع اللمسات الأخيرة على اللوائح التي ستسمح للسفن الإيرانية بحرية الملاحة على طول نهري الفولغا والدون، إذ تم التخطيط لـ INSTC كشبكة نقل متعددة الوسائط يبلغ طولها 7200 كيلومتر بما في ذلك خطوط البحر والطرق البرية والسكك الحديدية لنقل البضائع بين روسيا وآسيا الوسطى ومناطق بحر قزوين.

وفي 30 كانون الأول 2022 ، عقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جين بينغ مؤتمراً بالفيديو أفاد فيه بوتين أن التجارة الثنائية بين البلدين قد وصلت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق بمعدل نمو 25 في المائة وأن أحجام التجارة كانت مستمرة في المسير للوصول إلى 200 مليار دولار بحلول العام المقبل بالرغم من العقوبات الغربية والبيئة الخارجية المعادية، وصرح بوتين أنه كان هناك نمو كبير في أحجام التجارة بين كانون الثاني وشباط 2022 ، مما أدى إلى زيادة التجارة بنسبة 36 في المائة إلى 6 مليارات دولار، ومن المحتمل أن يتم تنفيذ هدف التجارة الثنائية البالغ 200 بالرغم من عدم تحديد تفاصيل تسوية التجارة الثنائية.
ويرجع في ذلك إلى أن موسكو وبكين قد أنشأتا بالفعل شبكة دفع مليار دولار، إذا تحقق بحلول العام المقبل ، بالروبل الروسي واليوان الصيني، على البنوك عبر الحدود على غرار SWIFT ، وزادت مشترياتهما من الذهب لمنح عملاتهما مزيدًا من الاستقرار، ووقعتا اتفاقات لمبادلة العملات الوطنية في العديد من الصفقات الإقليمية والثنائية.
إضافة إلى ذلك، يبدو أن كلا من روسيا والصين توقعتا استيلاء الولايات المتحدة المحتمل على أصولهما المالية، وفي عام 2014 تعاونتا في معاهدات تركز على الطاقة لتعزيز روابطهما التجارية الاستراتيجية.
في عام 2017 ، تم تنفيذ نظام الدفع مقابل الدفع بالروبل-يوان جنبًا إلى جنب مع مبادرة الحزام والطريق الصينية (BRI).
وفي عام 2019 ، وقع البلدان اتفاقية لاستبدال الدولار بالعملات الوطنية في معاملات عبر الحدود وتحويل ما قيمته 25 مليار دولار من التجارة إلى اليوان والروبل، هذا التحول قلل من اعتمادهما المتبادل على الدولار.
وحالياً، تتم تسوية ما يزيد قليلاً عن نصف الصادرات الروسية بالدولار الأمريكي بانخفاض عن 80 في المائة في عام 2013 ويتم الآن الجزء الأكبر من التجارة بين روسيا والصين بالعملات المحلية.
ووفقًا للمحلل Korybko، تم إحراز تقدم كبير في تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي في التجارة الدولية، ولكن لايزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام بها، ويشير إلى أنه من غير المرجح أن تقبل الولايات المتحدة ببساطة التحديات التي تواجه هيمنتها المالية.
ومن المرجح أن تعمل للدفاع عنها، لهذا السبب، ومن المتوقع أن تحاول الولايات المتحدة حشد دعم اللاعبين الرئيسيين من خلال تقديم صفقات تجارية تفضيلية لهم أو الوعد بمثل هذه الصفقات، مع تأجيج التوترات في الوقت نفسه بين روسيا والصين والهند وإيران من خلال حرب المعلومات وربما يهدد بتشديد نظام العقوبات الثانوي باعتباره رادعاً.
تعمل روسيا على إبرام اتفاقات مبادلة العملات مع عدد من الشركاء التجاريين بما في ذلك الاتحاد الاقتصادي الأوروبي الآسيوي المكون من خمسة أعضاء، والذي يضم روسيا وأرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان، ما يسمى بالاتحاد الاقتصادي الأوراسي، ومكنت هذه الاتفاقيات الاتحاد الروسي من إجراء أكثر من 70 في المائة من تجارته بالروبل والعملات الإقليمية الأخرى.
يبلغ عدد سكان هذه الدول 183 مليون نسمة وناتجها المحلي الإجمالي يزيد عن 2.2 تريليون دولار، ويشكل الاتحاد الاقتصادي الأوروبي تحدياً هائلاً للهيمنة الغربية على المعاملات المالية العالمية.
من جهة أخرى اختتمت إيران والاتحاد الاقتصادي الأوروبي مؤخرًا مفاوضات بشأن شروط اتفاقية التجارة الحرة التي تغطي أكثر من 7500 فئة من السلع، وعندما تبدأ السنة الإيرانية القادمة في 21 آذار 2023 ، ستتاح سوق بحجم محتمل 700 مليار دولار للسلع والخدمات الإيرانية.
اكتسب الاتجاه نحو إزالة الدولرة في التجارة الدولية، لاسيما بين دول البريكس زخماً كبيراً في السنوات الأخيرة، حيث يمثلون معاً 41 في المائة من سكان العالم ، و 24 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي ، و 16 في المائة من التجارة، وفي عام 2015 ، أوصى بنك التنمية الجديد بريكس باستخدام العملات الوطنية في التجارة، وبعد أربع سنوات قدم البنك 25 في المائة من مساعداته المالية البالغة 15 مليار دولار بالعملات المحلية، ويخطط لزيادة هذه النسبة إلى 50 في المائة في السنوات المقبلة.
يعد هذا التحول نحو إزالة الدولرة خطوة مهمة للاقتصادات الناشئة حيث تسعى لتأكيد دورها في النظام الاقتصادي العالمي وتقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي.
في حين أن اعتماد إزالة الدولرة قد يطرح بعض التحديات والشكوك إلا أنه يعد خطوة مهمة نحو اقتصاد عالمي أكثر تنوعاً وتوازناً.
المصدر: ذا كريدل

آخر الأخبار
صيانة عدد من آبار المياه بالقنيطرة  تركيا تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية بطائرات وآليات   حفريات خطرة في مداخل سوق هال طفس  عون ينفي عبور مجموعات مسلّحة من سوريا ويؤكد التنسيق مع دمشق  طلاب التاسع يخوضون امتحان اللغة الفرنسية دون تعقيد أو غموض  إدلب على خارطة السياحة مجدداً.. تاريخ عريق وطبيعة تأسر الأنظار سلل غذائية للأسر العائدة والأكثر حاجة في حلب  سوريا تفتح أبوابها للاستثمار.. انطلاقة اقتصادية جديدة بدفع عربي ودولي  قوات الأمن والدفاع المدني بوجٍه نيران الغابات في قسطل معاف  قضية دولية تلاحق المخلوع بشار الأسد.. النيابة الفرنسية تطالب بتثبيت مذكرة توقيفه  بعد حسم خيارها نحو تعزيز دوره ... هل سيشهد الإنتاج المحلي ثورة حقيقية ..؟  صرف الرواتب الصيفية شهرياً وزيادات مالية تشمل المعلمين في حلب  استجابة لما نشرته"الثورة "  كهرباء سلمية تزور الرهجان  نهج استباقي.. اتجاه كلي نحو  الإنتاج وابتعاد كلي عن الاقتراض الخارجي  الهوية البصرية الجديدة لسوريا .. رمز للانطلاق نحو مستقبل جديد؟ تفعيل مستشفى الأورام في حلب بالتعاون مع تركيا المؤتمر الطبي الدولي لـ"سامز" ينطلق في دمشق غصم تطلق حملة نظافة عامة مبادرة أهلية لحفر بئر لمياه الشرب في معرية بدرعا السيطرة  على حريق ضخم في شارع ابن الرشد بحماة