لنتخيل شاباً في أيامنا هذه لا يستمع سوى للراديو، لا يملك القدرة على استخدام الجوال ولا الحاسوب، ونتخيل مدى انسجامه مع أبناء جيله كلهم بلا استثناء !! هذا المثال نفسه ينطبق على كرتنا ورياضتنا بشكل عام، ولا نبالغ أبداً في تقدير حجم الهوة بيننا وبين نظرائنا عبر هذا المثال.
نحن نلعب كرة القدم كما كانوا يلعبونها منذ عقود من دون أي فارق، لأن الفارق الذي تطور اليوم هو ما يسمونه الذكاء الصناعي، بل إن كرة القدم صار لها تكنولوجيا مستقلة، تدعى تكنولوجيا كرة القدم، وهي تساهم في تحليل بيانات اللاعبين من جميع النواحي المتعلِّقة بالجانبين اللياقي والصحي، وغيرهما من الجوانب المرتبطة بتهيئة اللاعب للوصول إلى الأداء الأمثل خلال التدريبات والمنافسات الرياضية، فلم يعد الأمر مرهوناً فقط بموهبة اللاعب وقدرات المدرب كما لا نزال نفعل نحن اليوم.
يقول زين الدين زيدان: إن التطور التكنولوجي الحاصل حالياً سمح بعمل أشياء إيجابية، من أبرزها كيفية التصرف مع اللاعبين، وهو ما شعرت به حينما اتجهت إلى المجال التدريبي.
في ريال مدريد كان لدى زيدان فريق من الأطباء والعلميين، يعملون بشكل يومي من أجل معرفة اللاعبين، وتحديد مدى جاهزيتهم اليومية، حيث يكون القياس بشكل يومي من أجل تحديد مشاركة اللاعب من عدمها والمتابعة المستمرة واليومية للاعب، والفحوصات اليومية للاطلاع على جاهزيته أيضاً، وأكد أن لاعبي الريال يستطيعون المشاركة في 60 مباراة خلال عام واحد من دون عناء، على الرغم من أنه في السابق، كان من الصعب عليهم الاستشفاء !!.
لقد تطورت تكنولوجيا كرة القدم وصولاً إلى ابتكار أدوات تتنبأ بإصابة اللعب وتلافيها وهي أخطر ما يصيب اللاعب والفرق، بل إنها وصلت إلى ما يسمى نظام الأداء والتتبع الإلكتروني (EPTS) وهي الكاميرا التي تستخدم لمراقبة وتتبع وتحليل أداء اللاعب، ويثبت مكانها بواسطة سترة تقيس المستشعرات المضمنة على الجهاز تفاصيل مثل: المسافة التي يغطيها اللاعب، وأجزاء الحقل التي قضى فيها اللاعب معظم وقته، ومعدل ضربات القلب وما إلى ذلك.
ختاماً لنتخيل حجم الفارق الذي صنعته هذه التقنيات المتطورة بيننا وبين كرة الدول المتقدمة، إنه فارق كبير جداً يشبه الفارق الذي ذكرناه في البداية كمثال قلنا إننا لم نبالغ به، ومن البدهي أننا لا نطالب بالوصول لتقنيات كهذه في ظروفنا الحالية، لكننا نطالب بتقليص الهوة ما أمكن حتى لا يأتي يوم ونخرج فيه تماماً من تاريخ كرة القدم!!