الملحق الثقافي-سعاد زاهر:
ليست التكنولوجيا وحدها من أهم المؤثرات التي تحد من تعاطي الشباب مع اللغة العربية، بما يليق بها، بل طبيعة الظروف التي نحياها حالياً، والتي جعلتهم يتطلعون إلى الهجرة بحثاً عن حياة تقدمها لهم مواقع التواصل بكل جاذبيتها ورفاهيتها المنشودة، فأصبحت حلمهم الأثير.
كيف يسعون لتحقيقها، عبر تعلم لغة العصر الإنكليزية، فهي البوابة التي تؤهلهم للهجرة أو إكمال تعلميهم في بلاد الغرب…
وإن كان لا ضير من تعلم اللغات والانفتاح على مختلف الثقافات، إلا التهميش الذي تعيشه العربية هو ما يقلق، فبدلاً من استخدام مواقع التواصل بفعاليتها وأثرها الكبير لتعزيز الجانب الإيجابي ومساندة لغتنا، نعيش العكس تماماً.
معظم الصفحات والمتعاطين معها، يقعون في فخ العامية، والدمج بين العربية والإنكليزية، بل إن البعض يكتب عبر لوحة المفاتيح العربية بأحرف إنكليزية، إضافة إلى الاشتغال على المحتوى البصري على مواقع التواصل والانتشار الهائل للمواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي والهواتف وتطبيقاتها….كلها تضر باللغة العربية، وتحد من تمكينها لدى جيل تملكته هذه المواقع، دون وجود مؤسسات أو جهات معنية بتقديم محتوى عربي جدير باهتمام الشباب.
مع تتابع الأجيال، والتمسك بالابتعاد عن الهوية والانتماء، والإصرار على الهجرة، فإن جيل كامل ينشأ بعيداً عن بلاده لن يتقن لغته بل وقد لا يتعلمها مكتفياً بلغة عالمية، أينما ذهب يحتاج إليها.
إضافة إلى كل ما سبق إن أبواب العمل تفتح بقوة لكل من يمتلك لغة أخرى، فسوق العمل تطلبها، وهي نقطة قوة لمصلحة التغريب أو ربما العولمة التي يعيش في ظلها الشاب العربي منذ فترة طويلة.
شيئاً فشيئاً، يفقد الجيل الشاب علاقته مع لغته، وبالتالي مع جذوره، وربما لو رحلنا ببصيرة تنطلق من واقعنا نحو مستقبل لغتنا، لأدركنا أنها مهددة في انتشارها، وطريقة التعاطي مع ازدواجيتها (الفصحى والعامية) وتحتاج إلى خطوات جدية يقوم المختصون بها كي تقلب موازين التعاطي العصري معها.
العدد 1135 – 7-3-2023