رغم كثافة غبار المتآمرين عليها فإنها باقية وتتجدد .. فلم تستطع هذه الزوابع تغطية ملامحها.. عروبة تطل بنورها ولا يمكن للمآمرين القضاء عليها.
هذا ما تدركه العين، وتسمعه الأذن مع كل زيارة لوفود عربية إلى سورية، فلم تكن العبارات التي تلفظ بها شباب الوفد العربي الذي يزور دمشق حالياً حاملاً معه راية التضامن للوقوف في وجه قانون قيصر وفي وجه أعداء الإنسانية .. تخرج من الشفاه.. بل كانت تخرج من القلوب المحترقة شوقاً إلى دمشق.
استمر التآمر على هذه العروبة في كل العهود بحيث لم يُترك لأصحابها متنفساً فكانت محاولات التتريك والفرنسة والتقسيم والتشجيع على الطائفية والمناطقية وتغيير المعالم العربية جغرافياً وثقافياً واجتماعياً.. لتأتي بعدها جرائم الربيع الأسود وترك مساحات الصراع مفتوحة على مستوى الأفراد والشعوب في كل بقعة عربية.. وكلها تحلم وتعمل لدفن هذه العروبة ودفع الشباب العربي لنبذ هويته القومية.
إن الوفود العربية لم تنقطع عن أرض الشام في كل المحن.. إلا أن هذه الزيارة التي شملت 92 شاباً من مشرق الوطن ومغربه.. مثلت كسراً حقيقياً لقانون قيصر وأصحابه وأثبت هؤلاء الشباب للعالم كله فخر الانتماء لعروبتهم .. وهم جمعياً يرددون عبارات المحبة ويستذكرون معاً مزايا هذه الأمة.. تاريخها الحضاري والأثري المتشابه ولغتها المشتركة وأحزانها وآمال شبابها وووالخ.
فإن كانت كارثة الزلزال مُحزنة ومُؤلمة على جميع الصعد .. إلا أنها حملت بصيص أمل قادم رغم المعاناة. فقد اتسعت دائرة العودة العربية، وبدأت هذه المنظمات الشبابية على اختلافها. تطالب حكوماتها والمنظمات الإنسانية المعنية بفك قيود الحصار ليس عن سورية فقط بل عن كل الشعوب العربية التي عانت وتعاني من ألوان التشتت.
هذه الوفود الشابة حملت بريقاً ولهفة إلى التكاتف والتعاضد في المحن كما كانت العروبة دائماً. واعتبروا أن ما يحدث في دمشق اليوم درس بليغ لكل من يحاول إلغاء الهوية العربية أو إقصاء سورية عنها. فعين العروبة وإن غفلت لكنها لن تنام.