هو زلزال سياسي من عيار انهيار القطبية الأحادية الأميركية في العالم .. هكذا توصف طهران مصالحتها مع الرياض على لسان المستشار العسكري للمرشد الخامنئي .. أما الوساطة الصينية بين إيران والسعودية فهي ربط لحزام بكين في طريقها إلى الشرق الأوسط معلنة أن المنطقة ليست محمية أميركية ومكاناً للعب الشياطين الغربيين بحمم الفتن، وأن الوقت حان لوقف الحروب وطرد اللعوب الأميركية وتمزيق خرائط الفوضى التي مدتها كونداليزا رايس على مساحة الشرق الأوسط حرصاً على الكيان الإسرائيلي.
اللافت في المشهد ليس فقط لمس الضعف الأميركي في المنطقة، وخاصة في ما كان يسمى مناطق نفوذ وحلفاء لواشنطن، بل إن إسرائيل خرجت مذعورة من خبر المصالحة بين الدولتين، وهناك من قال في صحفها إنه ثمة من بصق في وجهها، أي في وجه الكيان، وبدلاً من أن تجمع (تل أبيب) البلدين في المنطقة بذريعة اتفاقات أبراهام، وتعمل على تشكيل ناتو عربي بقيادتها حسب ما كانت أحلامها استيقظت من منامها، وقد كسرت (جرة العسل) فوجدت السعودية تصافح إيران، وما حاجة الكيان بعد الآن لفزاعة إيران النووية طالما أن رهان الفتنة سقط بلا سابق إنذار، ووضعت إسرائيل في خانة (اليك) السياسي، حيث لم تعد طهران عدواً مشتركاً لها مع مجلس التعاون الخليجي، بل فشلت سياستها الخارجية كما قال رئيس حكومتها السابق لابيد الذي خرج يلوم نتنياهو، ويعلن ما سماه انهيار الجدار الإقليمي الذي بناه الكيان ضد إيران.
لاشك أن المصالحة السعودية الإيرانية هي حل لنصف أو أغلب مشاكل المنطقة، وهي إعادة لترتيب أوراق الشرق الأوسط ومحاولة صينية أشبه بالمفاجئة لإعادة استقراره وسط ضجيج حرب عالمية ثالثة بين روسيا والغرب في أوكرانيا، قد يكون حسمها قد بدأ من أفول القطبية الأحادية وضعف مكانة واشنطن بالشرق الأوسط لصالح تعاظم الدور الصيني الذي أثبت حضوره في المنطقة بموجة سلام، بينما تغادر واشنطن بتسونامي من الأخطاء رغم أنه عصف بنا عشرات الأعوام، لكنه أخذها بالنهاية مع ملامح ليبراليتها المتوحشة.