ربما لم تعد الشكوى من التأمين الصحي للعاملين في الدولة تسمع كثيراً أو صوتها عالِ والسبب في ذلك ليس عائداً لتحسن أداء الخدمات المقدمة إنما على العكس فالسبب له علاقة بتبدل الأولويات فالسواد الأعظم لشريحة العاملين في الدولة أصبحوا يبحثون دون جدوى عن وسائل لتأمين قوت يومهم من غذاء ووسائل النقل وغيرها من الخدمات الأساسية أما بالنسبة للخدمات المقدمة تحت مظلة التأمين الصحي فهي تشهد اليوم تراجعاً كبيراً في الكم والنوع لتبدأ مجموعة من التساؤلات حول الإجراءات المزمع اتخاذها والتي أعلنت عنها الجهات المعنية سابقآ والتي لم تتعدَ إطار التمني…
المشكلة تكمن…كما هي بالنسبة لمختلف الخدمات …في تدني الرواتب والأجور للعاملين في الدولة وعدم تناسبها مع ارتفاع بدلات الخدمات بالنسبة لكل شيء بدءاً من الغذاء ومروراً بالخدمات الصحية وليس انتهاء بأسعار الأدوية والكشوفات الطبية في الوقت الذي شهدنا فيه صدور قرارات أجازت وبررت رفع أسعار الدواء والكشفيات الطبية وأجور التحاليل الطبية والصور الشعاعية وغيرها لنسب تجاوزت بكثير حدود الرواتب والأجور لنجد ببساطة أن مراجعة طبيب وبدل القيام بتحليل طبي أو صورة شعاعية ومن ثم ثمن الدواء أصبحت تتجاوز الراتب برمته هذا بالنسبة لمريض واحد فما بالك بالعمليات الطبية التي أصبحت أجورها تقدر بعشرات الملايين الأمر الذي يفسر عدم إمكانية مظلة التأمين الصحي على تغطية هذه الخدمات في الوقت الذي لا يوجد إمكانية لأن تغطي الحسميات المتعلقة التأمين الصحي والاقتطاعات الحالية والتي لا تتجاوز بالنسبة للموظف مئة ألف من الليرات السورية سنوياً قيمة أي مراجعة أو عملية طبية واحدة فالمسألة برمتها تحسب من مبدأ الربح والخسارة…
الجهات المعنية تنبهت لهذا الواقع المظلم الأمر الذي جعلها تتجه نحو حلول من نوع آخر حيث تم بحث تطبيق خدمات التأمين الصحي للعاملين في الدولة السورية في الهيئات والمشافي التابعة للدولة حتى تلك التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية إضافة إلى وزارة الصحة لتستقبل المؤمَنين صحياً للعاملين في الدولة لتحقيق هدفين ساميين تمثل الأول في تأمين الخدمات الصحية للشريحة المستهدفة وأيضاً تأمين وارد مادي لهذه الجهات تمكنها من تطوير خدماتها وتحسين الواقع المادي للعاملين فيها وقد تم عقد عدة اجتماعات في هذا الإطار لكن لم يتبلور عنها أي نتائج على أرض الواقع…
المتابعون لواقع التأمين بشكل عام وجدوا أن هناك حالة من الفوضى تعرضت لها هيئة الإشراف على التأمين مؤخراً ربما تسببت في تأخير ظهور النتائج المنتظرة واليوم ثمة قرارات صدرت ونتج عنها تعيين مجلس إدارة جديد للهيئة ربما يكون قادراً على أن يحدث فرقاً في هذا الملف ولكن واقع الحال يؤكد أن الأمور ليست بهذه البساطة خاصةً مع وجود الهوة بين معدل أجور الخدمات الطبية والرواتب والأجور للعاملين في الدولة وبالتالي فإن المسألة بحاجة لتقديم الدعم المادي لهذا الملف تحديداً وهذا الأمر بعهدة الحكومة بالدرجة الأولى فهذا النوع من الدعم له الأولوية على ملفات عديدة فمن غير المعقول أن تبقى شريحة واسعة من مجتمعنا محرومة من الحصول على الخدمات الصحية وأخص بالذكر هنا المتقاعدين الذين لهم الحق بالرعاية والاهتمام…