اليوم يفتح الصبر ذراعيه .. وتشي الجغرافيا بوقائعها.. تاريخ معتق في الذاكرة وصور المجاهدين الخالدين أيقونات في سماء الوطن .. ثوار النضال السوري روايات عز لا تنضب ، وقصص بطولات لا تنتهي.
ومقولة إن العين لا تقاوم المخرز لم تكن صحيحة في قاموس السوريين، حيث قاومت عيونهم المتبصرة منذ اللحظة الأولى لنيات قدوم المحتل الفرنسي الذي بدأ غزوه من الساحل السوري محتلاً مدنه الرئيسة في تشرين الثاني ١٩١٨، أي بعد شهر واحد من إعلان قيام الدولة العربية.
فانتفض الإباء الشعبي وعلت الأصوات الرافضة لمخططات وجبروت هذا المستعمر وقوانينه الجائرة.
ولعب التنسيق عالي الدقة بين المجاهدين الثوار في كل مناطق جغرافية الوطن من خلال خططهم وإدارتهم ليوميات المعارك الطويلة دوراً كبيراً في إحراز النصر، إذ تظهر لنا وثائق التاريخ أهمية تلك الاجتماعات التي تمت بين المجاهد الشيخ صالح العلي، وسلطان باشا الأطرش، وإبراهيم هنانو في الشمال السوري ويوسف العظمة وزير الحربية آنذاك قبل استشهاده بفترة قصيرة، وغيرهم من رجالات الثورة.
لكن جذوة النضال لم تنطفئ، بل زادت اشتعالاً وعنفواناً وكبدت الفرنسيين خسائر لا تحصى في الأرواح، ما جعل أسلحتهم الخفيفة والمتوسطة غنائم في أيدي الثوار التي ساعدتهم على استمرار المعارك الشرسة وحسمها لصالح الوطن.
كما لعبت النساء دوراً كبيراً في القتال كتذخير البنادق وإطلاق النار عندما يكون الموقف صعباً وحرجاً ومداواة الجرحى ونقل الطعام والرسائل بين المقاتلين.
إن جلاء المستعمر الفرنسي عن أرضنا بقوة الإرادة والنضال والمقاومة لم تكن ذكرى عابرة، بل هي حقيقة راسخة وضمير متيقظ عند الأجيال المتعاقبة بأن العدو هو واحد مهما تعددت أشكاله التقليدية وأدواته الحديثة، وثيابه تبقى مزيفة مهما زينها بالرتوش.
في ذكرى الجلاء الأغر كل عام وسورية المنتصرة بشعبها وجيشها وقيادتها بألف خير.

السابق
التالي