سعاد زاهر:
حين تلتقيه في الإمارات البلد الذي يسكنه منذ وقت طويل، تشعر أنك تراه في إحدى حواري دمشق القديمة، رغم المقهى الحديث الذي اعتاد على استضافة مختلف الفنانين والمبدعين والإعلاميين السوريين الذين يترددون باستمرار على الإمارات.
مقهى يقع قرب فندق الهوليدي الفخم، على زاوية منه حيث تقبع العصافير التي اعتدنا على رؤيتها على صفحته الشخصية على الفيسبوك تأكل من صحنه.
تغادره وأنت تفكر بمنطق خاص، مغاير لكل ماكنت تسمعه يوماً، وتؤمن معه أن المبدع يتكامل فكراً وفناً وسلوكاً و الفنان بدور أحد أولئك الذين تكاملوا ويعطون من خلال اكتمال مشوارهم، دون أن يتقصدوا تصدير ذلك، بل أنت عبر بحثك وتعاطيك معهم تكتشف خبايا فنه وشخصيته العميقة بكل يسر بعيداً عن مزاجية الفنان التي يمتلكها بامتياز…
مع الفنان سهيل بدور، كان لنا معه وقفة نبشنا عبرها خزينته الثقافية …
– تعيش بلدنا منذ فترة انتكاسات عديدة، كيف يمكن للفن والفكر عموماً، أن يتعاطى مع هذه الحالة؟
— الفن ابن المجتمع يعكس قضاياه ويبقى شاهدا وموثقا، يفترض أن يقدم فكراً متقدماً ناضجاً في الأزمات لكنها بالمجمل هي تعتبر مناسبات رغم توثيقها..
دعيني أقول لك شيئاً: حساسية الفنان تجاه أي أزمة إنسانية هي عالية جداً يتأثر ليقدم تأثيراً ولو بسيطاً في محيطه هذا ما يُفترض لكن واقع الحال مغاير، المشكلة في فهمنا لدور الفن بالشكل العام كفكر ونتاج جمالي وهو أمر شائك جداً.
– أثناء الزلزال لاحظت على صفحتك الشخصية، رسومات من وحي الكارثة، كيف تأثرت كفنان تشكيلي؟
— بالطبع الكارثة التي ألمت بوطني وببلدان أخرى لا يمكن إلا أن تمنحني شحنة مضافة كإنسان أولاً وكفنان ثانياً لا أستطيع إلا تقديم شيئاً في الكارثة.
هنا الأمر لا يحتمل الانتظار وأنا لا أعرف بصدق ما الذي يمكن أن نقدمه سوى تبرعنا بأعمال لصالح المتضررين من إخوتنا في سورية، بكل الأحوال في كارثة الزلزال لم يبق أحد يستطيع أن يفعل شيء ولم يفعله هكذا أظن.
– ألا نحتاج إلى ثقافة مغايرة لكل ما عشناه سابقاً، خاصة وأننا نتعاطى مع تغيرات نسفت يقينات كثيرة؟
— هل تصدقي عندما أسمع بكلمة الثقافة بمعناها الشامل في مجتمعنا تأخذني ضحكة خفية…!
والسبب؟.. إنه بسيط جداً، أريني ما الذي فعلته الثقافة وما الذي فعله المثقفون، ألا يفترض أن الثقافة والمثقف مهمتهم التغيير للأفضل وتشكيل مجتمع والشعور بالأمان والمحبة وتحديد القيم..أين الثقافة من كل هذا ..؟
أعتقد أن المثقف ساهم في الأزمة في مجتمعاتنا العربية أيضاً لاعتبارات كثيرة، بالنسبة لي للأسف لم أعد مهتماً بأهمية الثقافة ولا بدورها ومن يراقب سياق الأمر بشكل جيد يعرف أننا فشلنا في إحداث اي تغيير وعلى أي صعيد…!
– ما هو دور المثقف في الكوارث؟
— لا دور ملحوظ للمثقف لا في الكوارث ولا في ولا في أي وقت في عالمنا العربي لنفهم جيداً أن الثقافة بمجملها إلى حد ما مسيسة في مجتمعنا العربي هذا يعني في الغالب تفريغها من محتواها ودورها، لذلك هي مشوهه وابتعدت كثيراً عن واقعها وهنا الشرح يطول كثيراً.
– كيف يمكن للثقافة والفكر عموماً، المساهمة في النهوض؟
— من المفترض أن تجعلنا الثقافة أكثر انسانية أكثر تماساً مع محيطنا بموجوداته يفترض أن تهذب النفوس أن يتحضر الإنسان أكثر من خلالها، بمعنى يفترض يجب أن نكون أكثر أخلاقية… لكن ما وصلنا وخاصة بأزمة سورية الأخيرة أو بأي أزمة إنسانية ارتكب فيها جرائم شنيعة تؤكد عن عجز الثقافة تماماً والشاهد في التاريخ كثيرة…!