لم نخرج يوماً ما من دائرة “النق” حول ضعف المرتبات الوظيفية، وأنها لا تطعم خبزاً، وهي ثابتة لا تزيد إلا نادراً بينما تزداد الأسعار كل يوم.
وكما يقال:(السوق يصحح نفسه)، ويفرض معادلته وهذا صحيح.
صحيح أن الرواتب تكاد تكفي ليوم أو تسديد فاتورة هاتف أو ماء، وفي مقاييس المتقاعدين مثلي لا تكفي حتى لثمن الدواء.
هذا كله صحيح.. ولكن الأكثر صحة أن قسماً كبيراً من ثرثرتنا ليس منطقياً، ولا يصبّ في الاتجاه الصحيح الذي يجب أن يكون موجهاً نحوه.
مثلاً وعن قرب أعرف العشرات في دائرة ضيقة من العمل منذ سنوات لم يقدموا خدمة واحدة لعملهم وربما لن.. ومع ذلك هم من يقود جوقة الحديث عن الراتب، ويتمتعون بكل الميزات التي يحصل عليها من يعمل بل يقاسمونه كل شيء.
هؤلاء موجودون في المؤسسات كلها في التربية والثقافة والإعلام والخدمات وغيرها..وجوقتهم الأقوى.
وفي المجتمع المحلي تجد العجب العجاب من بائع الخضروات إلى من يريد الربح، ويجب أن يصل عنده إلى أكثر من مئتين في المئة.. يريد أن يؤمن ربحه من خلال بيع أقل من ربع البضاعة.
والطبيب الذي يرفع معاينته إلى ما يوازي راتبك الشهري حسب مكان وجود عيادته وليس مهارته.. ووسائل النقل التي لا يعرف أصحابها شيئاً اسمه:(العداد).
ومؤسسات الخدمات الحكومية دخلت على الخط أيضاً بزيادة رسومها.. وقلة خدماتها.. ناهيك بنشرة المصرف المركزي التي ترفع سعر الصرف كل يوم وتقدم المسوغ لمن يريد رفع الأسعار أن يفعل.. يرتفع سعر الصرف خمسين ليرة تتحول الخمسون عند التجار إلى ألف، وتصل حتى ربطة البقدونس.
ينخفض سعر الصرف والنائم الأكبر الضمير والرقابة والمحاسبة التي يجب أن تكون على أشدها في مثل هذه الظروف التي نمر بها.
هل تصدقون أن أحداً ما يملك أرضاً زراعية، ومع ذلك يشتري البقدونس والنعناع وغيرهما..؟
لقد تقاسمنا نحن ومؤسسات الحكومة الكثير من الكسل هي بتركها من لا يعمل يقاسم من يعمل ونحن بما اعتدناه من تكاسل ..
هؤلاء يسرقون رواتبنا..ونحن شركاؤهم في ذلك بصمتنا عنهم.
ولكن لا يعني هذا أن رواتبنا تحقق لنا جزءاً مما نبتغيه من كرامة العيش، فهل هناك من يصحح الأمور؟.