شهد العالم تتويج ملك انكلترا واهتمت صحافة العالم بأنواعها ببث حفل التتويج (مباشر) وكأن مصائب الكون ستحل بعد ذلك.
هل نسي العالم تاج المملكة الذي هيمن على أكثر من 56 دولة على كوكبنا حتى صارت المملكة التي لاتغيب عنها الشمس، (دول الكمنويلث) حضر رؤساء دول ممن كانت بلادهم مستعمرة لها..
بِدءُ الاستعمار نشأ منها، ثعالب السياسة خرجوا من كهوفها، دهاة الفكر الاستعماري أصولهم من جذورها، وكذا تلامذتهم المنتشرين في أصقاع الأرض.
وضع التاج البريطاني على رأس الملك تشارلز وعزف النشيد الملكي وطل الملك والملكة من شرفة قصر باكنغهام.. تحية للجماهير المحتشدة حول القصر وخلف الشاشات.
اجتمع وزراء الخارجية العرب في اليوم التالي في اجتماع غير عادي لمجلس الجامعة العربية توجت الجمهورية العربية السورية، صدح نشيد الأمة بلاد العرب أوطاني في قلوب جماهير الوطن العربي، حفل التتويج تم بالإجماع، قرار انتظره العرب والإعلام في شوارع الوطن الكبير خلف الشاشات وعبر أثير الإذاعات.
أطل البيان الختامي ليثبت سيادة سورية على كامل أراضيها، ورفع المعاناة عن شعبها.. إقرار ببطولة الشعب الصامد الذي قاوم أكثر من عقد لفرض وجوده.. ضد غزو إرهابي ساندته دول كبرى، وهزمته ملاحم الجيش الأسطوري، الذي وهب حياته للموت ليحيا الوطن، والشعب خلفه بمعجزة صموده.
ثنائية التضاد الرهيبة.. التاج البريطاني تاريخياً استعماري، حتى عصر مابعد حداثة استقلال دول العالم عدا فلسطين، ليعود ببزته العسكرية إلى العراق مع الأميركي؛ لصالح الكيان الصهيوني الذي نسج أول خيط فيه البريطاني بلفور رئيس وزراء المملكة المتحدة ذات التاج، الذي وضع على رأس تشارلز.
تاج المقاومة الوطنية السوري الذي قارع مدى التاريخ لأجل سيادته ضد المغولي والعثماني والفرنسي، الصهيوني وضد الإرهاب الذي انهال عليه لعقد من الزمن ومازال.. احتفاء تاج 6 أيار الإنكليزي من ذهب السودان، الذي يقتل أبناؤه في الشوارع دون إخلاء، والحالة الإنسانية تتردى يوماً بعد يوم.. ودول العالم الكبرى تتهاون في النظر إليه.. تتلهى باحتفال ملك ويلز.
أما تاج الجامعة العربية، فهمه وحدة شعب الأمة، ليقاوم الإرهاب ويتجاوز آثار الزلزال الكارثي، ويعمل لإخراج المحتل من أرضه ويسعى مع الأشقاء لتهدئة الوضع في السودان الذي أشعله الكيان الصهيوني، المستفيد الوحيد مما يحدث.. ورغبته يجسدها الأميركي بوقاحته معلناً معارضته القرار العربي..
ثنائية التضاد تحيّر في المشهد، إلا المفكر فهي جلية واضحة لمن يخشى على وطنه.