وأخيرا ذقنا نكهة المنافسة في دورينا الممتاز لكرة القدم، بين فرق كبار وأندية عريقة، كان لها صولات، ذات تاريخ، وها هي عادت وعاد معها دوري يثير الجدل بين جماهيره بكل التفاصيل، سواء كان منبع الجدل الاستفزاز أو الإعجاب أو الرفض، أو حتى الانتقاد الحاد، فالمهم هنا أن دورينا امتلك قدرة على إثارة الجدل وبالتالي بدأ يقوم من بين الأموات وتجري دماء الحياة في شرايينه.
لكن قلنا نكهة، ولم نقل إنه الطعم الأصلي والطبيعي، وهذه النكهة شبيهة بما يقدمه لكم بائعو العصير من نكهة تفاح أو موز يسمونها (الأصنص) أي الطعمة المكثفة للعصير دون أن يكون طبيعياً.
هناك أسباب ونتائج لهذه النكهة نفرح ببعضها، ونحزن من بعضها الآخر، لكنها بالمحصلة تعد خطوة للأمام، بعد خطوات للوراء خلال سنوات عجاف تحول فيها الدوري الممتاز إلى ما يشبه بطولات الحارات بين الأطفال.
لا ننتقد هنا بقدر ما نثني على التقدم الذي حصل، ونشير سريعاً إلى بعض النقاط التي جعلت دورينا محلى بنكهة تشبه نكهة بائعي العصير، وأولها على الإطلاق غياب القدرة الاقتصادية لدى معظم الأندية، وآخر مثال هو اعتذار نادي الجهاد عن مباراته مع الفتوة، لأنه لا يمتلك أجور المواصلات!! إن غياب القدرة المالية يعني قطعاً غياب التطور والتنمية، أما ثاني الأثافي فهي الشكوك حول فساد هنا أو هناك ضمن جسم المؤسسة، تتقاذفه الألسن دون دليل، للأمانة، اعتماداً فقط على أنه لا دخان بلا نار، لكن الشكوك لها ما يغذيها في الأخطاء التحكيمية القاتلة التي تنفي صفة العدالة عن معظم المباريات، وهكذا ينهدّ ركن من أركان الرياضة.
هناك أيضاً تقاليد قديمة ومهترئة عفا عليها الزمن لا زلنا نرتبط بها، وهناك تقاليد حداثوية هي مجرد تقليد لما يدور حولنا، لكن فاقدة للتجذير والتحويل إلى ثقافة وسلوك وبالتالي فاقدة للثمار في دوري النكهة الصناعية هذا !!
لكننا بكل الأحوال تقدمنا خطوة للأمام واستطعنا بالنكهة الصناعية إثارة الجدل، تمكن الدوري من فتح حوار بين المشجعين حتى ولو كان بعضه سلبياً، وعلينا الآن البدء بعملية التجذير للحداثوي وإزالة العشب المهترئ في الملاعب وتحديث أثاثها، كي نغادر دوري بائعي العصير ونقدم للجماهير، الدوري الأصلي والطبيعي.