بين الوعي والسلوك وتطور المجتمعات

الثورة: 

الوعي هو كلمة ومفهوم يعبر عن حالة العقل عند الإدراك وعلى تواصله المباشر مع المحيط الخارجي عن طريق نوافذ الوعي والمعرفة المتمثلة بشكل عام بحواس الإنسان الخمس، ويعبر الوعي عن مدى إحساس الإنسان بالأشياء وفهمها وتكييف مواقفه وفق ذلك الفهم وعموماً يتحدد مستوى تقدم الأمم والشعوب والأفراد بمستوى وعيها للحياة والأشياء وطريقة فهمها لها.

ولعل أكثر المجتمعات قابلية للاهتزاز والسقوط هي تلك التي لا تستند إلى مستوى من الوعي الجماعي الإيجابي والعلمي لمجمل الظواهر الحياتية سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو قانونية، وجمالية وصولاً للعناوين الكبرى والأساسية وهو ما يتعلق ببنية الدولة والمجتمع وعلى رأسها مسألة الهوية والوطن والمواطن لجهة أن الهوية والوطن والمواطن وفكرة الدولة هي ثقافة مجتمعية وليست إطاراً سياسياً أو قانونياً فقط، آخذاً في الاعتبار أن الدولة في المنطقة العربية على وجه العموم كانت تعبيراً عن إرادة خارجية وليست إرادة شعبية وإن أغلب دولها نشأت بشهادة ولادة أجنبية استعمارية سواء سايكس بيكو أو غيرها.

ناهيك عن أن عناوين هامة في حياة المجتمعات من قبيل الحرية وسيادة القانون وفكرة المواطنه لم تتكرس بشكل عميق في تلك الكيانات الناشئة أو المحدثة ولعل عدم صهر المجتمعات في بوتقة هوية وطنية أو قومية واحدة وعدم تكريس فكرة المواطنة واحترام القانون والشراكة في المنافع وتكريس مفهوم الغلبة و الاستئثار بالسلطة هو الذي يفسر هشاشة الدولة الوطنية في تلك البلدان ما سهل عملية الاختراق المجتمعي من قوى وتيارات خارجية أو متآمرة، لهذا كله نرى أن تمايز المجتمعات هو بتمايز وعي أبنائها السياسي والقانوني ومستوى تقارب ذلك الوعي أفقياً فوعي الفرد ليس هو بالضرورة وعي الجماعة لا سيما في مجتمع كالمجتمعات العربية حيث الفوارق الثقافية على درجة عالية من التباين وهذه إشكالية أخرى في موضوع الوعي.

إن عملية سبر لأنماط الوعي المتشكلة تاريخياً في أغلب المجتمعات تجيب وتشير إلى أنها بدأت بالوعي الخرافي ثم الوعي الأسطوري ثم الوعي الديني ثم الوعي العلمي فالوعي الفلسفي، مع الإشارة إلى وجود وعي حقيقي قائم على المنطق العلمي ووعي زائف هو نتيجة طبيعية لثقافة التلقي الأعمى الأسطوري الغيبي والتضليلي والوعي الذي نود الإضاءة عليه هو ذلك الذي تتم من خلاله عملية النظر للأشياء والظواهر وتفسيرها..سواء الطبيعة أو المجتمع أو الكون أو الفن والأدب وكل الأشياء المحيطة بنا ونتخذ منها موقفاً فالمعرفة المجردة هي حالة محايدة والمهم كيف أعي المعرفة أي كيف أفسر الأشياء وأتخذ موقفاً منها وهنا يكون الحديث عن ثقافة مجتمع تشكلت عبر الكيفية التي من خلالها تم تكريس ذلك الوعي.

وفي مجتمع كمجتمعاتنا العربية وبحكم ظروفها التاريخية وما تعرضت له من أشكال الاحتلال والسيطرة والتجهيل والتهميش والاستبداد بأنواعه وسيطرة الثقافة السلبية المتلقية وسيادة ثقافة القطيع يبرز دور النخب الفكرية والثقافية والتربوية والسياسية، وكل منابر الفكر الحر في الإعلاء والارتقاء في مستويات الوعي الحقوقي والجمالي والأخلاقي ووعي قيمة الحرية والكرامة والذات الإنسانية والحرية الفردية وانتشالها من مستنقع الاستبداد وقوى الظلام تلك التي تسعى وتجهد لتكريس وعي سلبي يسبح بحمد ما هو قائم تغلفه ثقافة الخوف والتوجس من كل ما هو جديد، وعي يريد تجميد الواقع لا يمكن وصفه إلا بوعي قاتل.

إن عملية إنتاج وعي اجتماعي جديد ليست عملية ميكانيكية وإنما سياق تراكمي تاريخي تقوده نخب تحمل ملامح ورسالة ومشروع إنقاذ للمجتمع تكون رافعته الاجتماعية تلك العملية التاريخية ستواجه مقاومة شرسة من قوى ترى مصالحها الاقتصادية ومكانتها الاجتماعية واعتبارها مهددة بالزوال، فهي على استعداد لمواجهة الوعي الجديد حتى لو كانت على قناعة بأنه حقيقة علمية فقوى الاستبداد تلك ستبقى متمسكة بذلك الوعي القديم وتحرص عليه سواء كانت سلطة سياسية أو غيرها وتواجه أي وعي جديد وتسعى لإبقاء وعي العبودية والاستلاب لجهة أن الناس والمجتمع الساكن قد وعت وعي العبودية وتكيفت معه، من هنا يعاد التأكيد على دور النخب وسعيها لوعي جديد وثمة مفارقة هنا.. فقد نجد أن مشعوذاً يسعى لتكريس وعي لشعوذته كونه مستفيداً منه مع إدراكه أنه وعي سلبي وكاذب ولكن مصلحته تقتضي الإبقاء عليه، فالسلطة المتخلفة دائماً تحاول أن تبقي على الوعي القديم لتبقى مسيطرة لاسيما وأنها جاءت في لحظة نوم في التاريخ فاستغلته وكرست وجودها وقيدت وعي المجتمع بحيثياته وهذا نتيجة طبيعية غياب الصورة الأخرى ولكن بسبب الانفتاح على العالم وثورة المعرفة والفضاءات المفتوحة لم تعد السلطة قابضة على فضاءات الوعي، وهنا يصبح دور النخب كما أشرنا أساسياً ومحورياً في تشكيل الوعي الجديد، وهنا تجدر الإشارة أنه في الحالة تلك يكون وعي المجتمع متفوقاً على وعي السلطة فيحدث الاحتجاج والتذمر وتبرز فكرة التغيير لأننا أصبحنا أمام وعيين متناقضين لابد أن يقصي ويلغي أحدهما الآخر.

آخر الأخبار
مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة في اليوم العالمي للطفل.. جامعة دمشق داعمة لقضايا الطفولة بمناهجها وبرامجها التعليمية استشهاد 36 وإصابة أكثر من 50 جراء عدوان إسرائيلي على مدينة تدمر بالتزامن مع يوم الطفل العالمي.. جهود لإنجاز الاستراتيجية الوطنية لحقوق الطفل "التجارة الداخلية" بريف دمشق تبدأ أولى اجتماعاتها التشاورية أسطورة القانون رقم 8 لحماية الناس..!! حمى عناصر الرقابة التموينية والتضخم والغلاء.. مرسومان بتحديد الـ 21 من كانون الأول القادم موعداً لإجراء انتخابات تشريعية لمقعدين شاغرين في دائرة د... رئاسة مجلس الوزراء: عدم قبول أي بطاقة إعلامية غير صادرة عن وزارة الإعلام أو اتحاد الصحفيين السفير الضحاك: استمرار جرائم الاحتلال الإسرائيلي بدعم أميركي يهدد السلم والأمن الإقليميين والدوليين انطلاق الحوار الخاص بتعديل القوانين الناظمة لعمل "التجارة الداخلية" بطرطوس الأملاك البحرية لا تُملك بالتقادم والعمل جار على تعديل قانونها وزير التجارة الداخلية: بهدف ضبطها ومراقبتها .. ترميز للسلع والمنتجات ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43972 منذ بدء العدوان عراقجي: فرض أوروبا إجراءات حظر جديدة ضد إيران خطوة مدانة واستفزازية ارتفاع عدد الشهداء جراء العدوان على جنين ومخيمها لليوم الثاني إلى خمسة في يومهم العالمي.. مطالبات فلسطينية بحماية فورية للأطفال من استهدافهم الممنهج القوات الروسية تحرر بلدة في دونيتسك وتقضي على 50 عسكريا أوكرانيا في سومي زيلينسكي: أوكرانيا ستهزم بحال أوقفت واشنطن دعمها العسكري