من يراقب المشهد العام والحركة الدؤوب في القطاعات عامة، وفي المشهد الثقافي على وجه الخصوص، لابدّ أن يعترف وبقوة أن جميع الظروف القاسية والتحديات التي مرّت بها بلادنا ولاتزال، لم تستطع أن تكسر إرادة الشعب فيها، فعجلة الحياة تستمر، وتزهر المنابر والمعارض بفرسانها، هذا إلى جانب استقطابها للوفود العربية والدولية من أجل تعاون وتبادل ثقافي يعيد للحياة ألقها، ويؤكد في كل مرة أن سورية” قلب العروبة النابض” بالحبّ والعطاء، وتفتح ذراعيها دائماً للأشقاء والأصدقاء لإعادة دورة حياة جديدة ومتجددة.
ولأنها الحضارة والأصالة في عنوانها الأشمل، نجد امتدادها عبر أبنائها وقد استطاعوا في انتشارهم عبر أصقاع الأرض أن يحتلوا مكانتهم التي تليق بانتمائهم إلى أبناء جلدتهم، فحملوا رسالة بلادهم إلى العالم، وكانوا السفراء المخلصين في نقل ثقافتهم وتراثهم وحضارتهم المتجذرة في عقولهم إلى شعوب العالم في إبداعاتهم إن كان على صعيد المهن التراثية أو مكانتهم العلمية، أو حتى في مشاركاتهم في المهرجانات الدولية، ليرتفع علم سورية مباهياً بأبنائه، وفخوراً بمن كان على العهد وفياً.
واليوم إذ يشهد العالم تغيرات على الساحة السياسية والعلاقات الدولية، تتجه الأنظار إلى سورية، بلد الحضارة والعراقة والأصالة، وهذا بدوره يفرض علينا بشكل أو آخر، مسؤوليات كبيرة في تقديم سورية بأبهى صورة، في تكريس هويتنا وانتمائنا وفي الآن نفسه العمل على إعادة إحياء تراثنا، وربما مشاركة سورية في الملتقى العربي الرابع للتراث الثقافي في الإمارات، يؤكد على أهمية الحفاظ على التراث وإحيائه، لأنه جزء من هويتنا في بعدها الحضاري العريق.
ويضاف إلى ذلك اهتمام وزارة الثقافة بالمواقع الأثرية التي تعرضت للزلزال، وقد نوقشت نتائج الأبحاث الأثرية السورية وتداعيات الزلزال في المؤتمر الدولي الذي ضمّ خبراء سوريين وأجانب للتوصل عبر دراسات علمية إلى طريقة منهجية للترميم وإعادتها إلى ما كانت عليه.
جهود كبيرة تبذل لتعود بلادنا إلى ألقها، وما زلنا نحتاج إلى المزيد، فالمسؤولية مجتمعية، ولكلّ دوره في إعمار البلاد وازدهارها، وسورية تليق بها أكاليل الغار.