يمن سليمان عباس:
ما يكاد يذكر الأدب الروسي لاسيما الشعر حتى يكون بوشكين في المقدمة ومازال متجددا نضرا ليس في الثقافة الروسية وحدها بل في آداب العالم التي ترجم أدبه إليها.
وهو الذي استطاع أن يعيد صياغة كل ما اطلع عليه من آداب بلغة إبداعية جديدة ولاسيما ما كان له من اطلاع على الأدب العربي .
وتشير هنا إلى أن مالك صقور الكاتب السوري كان قد الف كتابا عن بوشكين والقرآن.
اليوم نختار من المواقع التي تحتفي به باقة من عطره الأدبي ولاسيما الجانب العاطفي .
بوشكين العاشق:
(بوشكين عاش مغامرات حب جريئة ودفع حياته ثمن مغازلة
رسائل “رومانسية” بين الشاعر وعشيقاته: “ارتدي فساتين قصيرة”
هذا ما كتبه سامي عمارة ومما جاء فيه
المعروف والأكثر تداولاً من رسائل الشاعر الروسي الكبير ألكسندر بوشكين (1799- 1837)، هي رسائله إلى قرينته ناتاليا غونتشاروفا قبل الزواج وبعده. لكن هناك رسائل، كثيرة تظل بعيدة من التداول، وكان بوشكين تبادلها مع عدد من السيدات والفتيات اللاتي كن يرتبطن به بعلاقات “متباينة الأطياف”. ولعل ذلك يفسر ما قيل حول أن رسائل بوشكين مع معارفه من سيدات المجتمع المخملي، لم تكن سوى جزء صغير من تراث “رسائله” التي أعارها بوشكين كثيراً من اهتمامه، وعلى نحو لا يقل عن عنايته بما جادت به قريحته من روائع شعرية ونثرية.
ولما كان معروفاً عن بوشكين، تعدد العلاقات الغرامية بما شابها من سلوكيات وتجارب عاطفية ومفردات تتجاوز “المألوف”، ما عكسه الكثير من قصائده، ومنها رائعته “يفغيني أونيغين” التي تضمنت بعضاً مما قد يندرج ضمن “المحظور” تداوله بين من هم دون الثامنة عشرة من العمر، انبرى بعض معارفه، ومنهن السيدات اللاتي أعربن عن مخاوفهن من تبعات قراره حول الزواج، وما قد ينجم عن ذلك من مواقف، للكشف عما خفي في علاقاتهن مع “شمس الشعر الروسي” بحسب ما صاروا يسمونه بعد رحيله.
وكان معاصرو بوشكين قد تناقلوا بعضاً من أخبار مغامراته وعلاقاته، ومنها ما تعلق بالسيدة “أنّا كيرن” سليلة نبلاء ذلك العصر وقرينة يرمولاي كيرن، أحد جنرالات ذلك الزمان. وكانت كيرن فُتنت ببوشكين وأشعاره، وعشقته وعشقها وتبادلا الغرام الذي سرعان ما عكسته أشعاره، لتغدو نموذجاً لعدد من قصائده، ومنها تلك المعروفة بأولى مفرداتها “أتذكر تلك الومضة الرائعة”، تلك التي كتبها في صيف عام 1925، إبان كان محكوماً عليه بالنفي إلى قرية ميخائيلوفسكويه، والتي كان يتسلل منها إلى “تيغرسكويه”، وهي ضيعة مجاورة كانت تسكنها عائلة أوسيبوف فولف، وكثيراً ما كانت تتردد عليها معشوقته أنّا كيرن قرينة الجنرال يرمولاي كيرن. وثمة من يذكر أن بوشكين ألقى هناك قصيدته المعروفة “الغجري” التي تذكرتها أنّا كيرن بقولها: “لن أنسى ما حييت تلك البهجة التي احتوتها روحي. لكم سعدت بكل ما تدفق من مفردات تلك القصيدة الرائعة، وكذلك من سحر إلقائها وما كانت تقطر به من موسيقا، كنت أذوب معها من فرط المتعة”.
رسالة أنّا كيرن:
لم تكن مشاعر أنّا كيرن لتتعدى آنذاك، ما هو أكثر من فرط الإعجاب بشعر ألكسندر بوشكين. أما هو فلم يكن ليستطيع إخفاء عاطفته، ما دفعه إلى أن يطلب منها، حين علم بأنها مدعوة إلى السفر مع قرينها الجنرال كيرن إلى ريغا (عاصمة لاتفيا)، الإذن بالكتابة إليها.
وتدفقت رسائل بوشكين التي لم يحتفظ التاريخ منها سوى ست فقط، وكانت جميعها صادرة عنه، ومن دون أن يعثر أحد على رسالة واحدة وصلته من تلك التي بعثت بها كيرن. وثمة من يقول إن ما كتبه ألكسندر بوشكين، كان أقرب إلى الاعترافات التي كان مضمونها خليطاً ما بين أنصاف الصراحة، وأنصاف التهكم على غرار التالي: “لقد تركت زيارتك إلى” تيغروفسكويه” في نفسي انطباعاً أكثر عمقاً وإيلاماً من ذلك اللقاء الذي جمعنا عند عائلة “أولينين”. وداعاً يا معبودتي. ولكم ينتابني الغضب حين أجثو عند قدميك”.
أحببتك, وما زلت أحبك,
فاللهب لم ينطفئ في قلبي,
لكن لا تدعي حبي لك يزعجك بعد اليوم,
فلا أريد أن أسبب لك المزيد من الحزن.
لقد أحببتك بصمت, بلا أمل,
بكل خجل, ومع ذلك مزقتني الغيرة,
أحببتك بكل صدق, بكل حنان,
وأدعو الله أن يهيئ لك شخصا آخر ليحبك هكذا.
أحببتك / بوشكين// أماني مغاوري
أجل لقد أحببتك,
ولا يزال الحب ممكنا بعد,
فلم تنطفئ شعلته تماما في روحي,
غير أني لن أقلقك بحبي ثانية,
ما أنا راغب أن أحزنك.
اجل أحببتك صامتا يائسا,
أحببتك في خجل منك,
أو في غيرة مضنية,
وبرقة وصدق عظيمين,
وبمثل هذه القوة أدعو الله
أن يحبك آخر سواي.
أحببتك
أحببتك…وربما ما زال الحب,
يتراقص في روحي كجذوة لم تنطفئ,
ولكن لا تدعي ذلك يحزنك,
لا أريد ان تتكدري من أجلي بعد الآن.
لقد أحببتك بصمت..بلا أمل,
واكتويت من ناريٌ الخجل والغيرة.).
وتشير إلى أن المفكر العربي سهيل فرح قد خصص جزءا مهما من كتابه ( الحضارة الروسية أسئلة الهوية والآخر العربي ) الذي صدر عن دار علاء الدين بدمشق..خصص جزءا لدراسة بوشكين وأثره ليس في الثقافة الروسية بل والعالمية ولا سيما العربية.