رشا سلوم:
توفيق أحمد شاعر وإعلامي سوري له في الميدانين باع طويل استطاع أن يطوع اللغة الشعرية لتغدو صورة إعلامية صوتا وصورة ونطقا .
في جعبته الإبداعية عشرات المجموعات الشعرية التي لاقت صدى طيبا لدى القراء والنقاد وهو ممن رسموا مسارا إبداعيا يتفرد بالأصالة والحداثة والقدرة على الدهشة والتكثيف وحسب الكثير من القراءات النقدية التي تناولت تجربته الإبداعية فإنه
(يبتعد عن تسويق الشعر القوي لغةً و سَبْكاً و معنىً و معاصرةً ضمن قالَبٍ كلاسيكي لإحدى قصائده و ذلك من أجل أن لا تكون لغته صعبةً على المتلقي ،
الشاعر في شعر القصيدة والمقطوعة العربية الأصيلة ممدود اليد والذوق والاطلاع اللغوي إلى أدوات العمل الشعري أعانه في ذلك ذكاء الشاعر في التقاط ما هو شعري من حوله بحسب رؤيته ووجوه اهتمامه وعودته الذكية إلى التراث العربي من قديمه إلى حديثه.)
ومما قاله د. محمد رضوان الداية _عن تجربته
(لقد أدرك توفيق أحمد أقانيم الجمال حين أدرك ماهية وجوده شاعرا وانسانا فتجلت ذاته المبدعة وهي تتماهى في موضوعها الجمالي وتفلسف وعيها الجمالي إذ تنجم الفلسفة الجمالية عند الشاعر من خلال وعيه حقيقة الوجود الإنساني واستشراف أهداف هذا الوجود.
الناقدة السورية د. سمر الديوب.
وأجمل ما كتبه توفيق أحمد هو تلك المقاطع التي يمزج فيها من كل زوجين اثنين حسيين بخاصة متضادين أولا أمزجة شعرية مركبة من حيث الزهنية يكسرها التجسيد أو الحسية والحسية تتركب من خلال صورة موحية ترتقي بها لمرحلة الرمز أو التجريد وحتى المعادلة المنطقية تتلطف بالطرفة.)
أما الشاعر محمد علي شمس الدين فيرى أن القصيدة ليست عنده رفاها ولكنها تجريب مستمر في أبنية الشعر وغاياته ووسيلة للكشف عن مكونات النفس البشرية متمثلة في الإنسان المعاصر المرتبط باثه العربي وواقعه الأني ووعيه بالمستقبل يحكمه في ذلك جميعه القلق المستمر والتوتر المؤسس لشعرية تعيد إلينا مشاعرنا التائهة.)
ومن أجمل قصائده تلك التي عنوانها( عيناك )
و هي منشورة في أعماله الشعرية في طبعتها الثالثة الصادرة في دمشق عام ٢٠٢١ في الصفحة ٦٤.
كيف عيناكِ ترفُضانِ انعتاقي
إنّه العشقُ فتنةُ الخَلّاقِ
زُرقةٌ تسبحُ السّماواتُ فيها
و انطلاقٌ للضوءِ تِلو انطلاقِ
عالَمٌ بعضُهُ الوصولُ إلى التّيهِ
و دنيا مجهولةُ الأعماقِ
أنا باقٍ يلفُّني الآه و الشّوقُ
و بعضُ الذّهولِ و الإشفاقِ
أنا باقٍ أخافُ يُسْكِرُني الوَصْلُ
و تَفنى في البالِ كأسُ السّاقِي
يا رفيفَ المساءِ حَسْبُ انتظاري
أن تكونيهِ لحظةَ الإشراقِ
إنَّ سِرَّاً مُخبَّأً في ضلوعي
كانَ سربَ الحَمامِ في آفاقي
وَحدَها الخمرُ أدرَكَت ما نُعاني
و تعاني في الساحِ كلُّ العِتَاقِ
يَخْمُدُ الشّوقُ بالعناقِ فَظَلِّي
حُلُماً غيرَ قابلٍ للعناقِ