أ. د. جورج جبور:
مع اقتراب عيد الأضحى أخاطب بهذه الرسالة السيدة المدير العام لليونسكو المحترمة، وأقول: «آفة النصح أن يكون جهاراً». لا أعرف من قائل بيت شعر بدأت رسالتي بشطره الثاني. إلا أنّ البدء به مفيد. إنه يهيّئ لك مبرراُ لعدم الأخذ بما اقترح. ومن جهة ثانية يعبّر البدء بذلك الشطر عن ضيقي بعدم جدوى مخاطبات عديدة خاصة وجهتها إليك وإلى أسلافك في العمل، مخاطباتٍ هادفة إلى لفت نظر اليونسكو لكي تحتفي بعيدي المسلمين “الفطر والأضحى”.
ثمة مفارقة مضحكة مؤلمة في أمر مواقف المنظمات الدولية الحكومية من عيدي المسلمين.
في 20 كانون الثاني 1998 قرّرت الجمعية العامة للأمم المتحدة منح العاملين فيها كافة عطلة في العيدين. معظم الوكالات المتخصّصة تبعت الأمم المتحدة في هذا الشأن إلا المنظمة التي كان عليها أن تبدأ هذا التقليد وهي اليونسكو. أليست اليونسكو هيئة الثقافة الأولى في نظام الأمم المتحدة؟ أليس الحوار الحضاري والديني أولى أولوياتها؟ لماذا لم تفعل؟ لديّ وجهة نظر لن أذكرها هنا. أكتفي بأن أشير إلى أنني عبّرت عنها في مقابلة تلفزيونية يوم 5 آب 2013، ولخصتها في الصفحتين 190-191 من كتابي: يوم اللغة العربية دمشق الهيئة السورية العامة للكتاب 2014 . لن أذكر وجهة نظري فذكرها قد يُعَوِّق القيام بالمطلوب.
ما أودّ تأكيده هنا هو أنّ على اليونسكو أن تحذو حذو الأمم المتحدة، حفاظاً منها على صدقيتها كمنظمة العالم الثقافية الأولى. على اليونسكو أن تهتمّ بسمعتها. وسمعتها هذه سوف تتعرّض للانتقاد حين يزداد علم العالم بالحقيقة التي تشرحها هذه الرسالة.
في 15 تموز 2014 تلقيت من مصدر ثقة ما يفيد بأنّ اليونسكو لاتزال تتحاشى منح عطلة في العيدين. مضى عيد الفطر ويقترب موعد عيد الأضحى.
معاون مدير عام اليونسكو في رسالة منه إليّ بتاريخ 16 حزيران 1998 أعلمني بأنّ اليونسكو لن تتبع الأمم المتحدة لأنّ أياً من الدول الأعضاء فيها لم تطلب منها ذلك. لن ينفع هنا القول إنني خاطبت جامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر التعاون الإسلامي، وتأكدت من أنّ مخاطباتي وصلت، وأنّ أحداً لم يتحرك.
المطلوب، يا صاحبة السعادة، أن تأخذي أنتِ، المبادرة، كما أخذها قبلك العربي الأمين العام للأمم المتحدة، بطرس بطرس غالي. بدأ – وعلى مسؤوليته – بالتعطيل عام 1996، ثم أيدته الجمعية العامة.
كان مدركاً لما لم يدركه المديرون العامون لليونسكو بدءاً من مايور الذي فاتحته بهذا الأمر أثناء استقباله لي في مكتبه يوم 13 تموز 1989. لكِ ولأسلافك جميعاً الاحترام. لكن احترامنا الأعظم لما يعين على العيش الواحد أو المشترك بين الديانات والثقافات عن طريق الفهم المتبادل لمعاني المناسبات الهامة.
يا صاحبة السعادة: أقدمي! رسالتي مفتوحة، ولن تبقى من دون صدى. أقدمي! قبل أن تحاصرك الأصداء. ولك المودّة والتقدير.
*خبير مستقل لدى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة 2002 – 2009.