تزداد الآراء المتحمسة لرفع الدعم والذهاب إلى سعر واحد للمادة، وتحويل كتلة الدعم نحو تحسين معيشة المواطن المرهقة من جراء الغلاء الفاحش في الأسواق، وهو ماكان سبباً في مرور العيد وكأنه يوم عادي لدى أغلب الأسر، وهذا يعني أننا أمام مؤشر غير مريح للقدرة الشرائية لأغلب المواطنين.
وتتزامن الآراء المشجعة لرفع الدعم مع أحاديث عن اجتماعات مكثفة يقال عنها إنها دراسات مستفيضة للخروج بنتائج مقبولة ومرضية لجهة التخفيف من شدة العجز المالي الذي يتركه الدعم، فكل مادة مدعومة تصل للمواطن تخلف وراءها آلاف المليارات من الخسارة، وتتسبب في تحويل كثير من المؤسسات العامة إلى خاسرة، بدءاً من الخبز وصولاً إلى الكهرباء مروراً بالمشتقات النفطية، كذلك السكر والرز، ناهيك عن صعوبة تأمين تلك المواد بالوقت المناسب في ظل عدم القدرة على الاستيراد المباشر من المؤسسات الحكومية نتيجة العقوبات والحصار الاقتصادي الجائر وهذا ما يضعها أمام مزاجية التجار والمستوردين.
ورغم أن الجميع يعلم أن العبء وحجم الهدر كبير في ميزان الدعم، إلا أن رفع الدعم يتطلب إجراءات نوعية، وكذلك العمل لتكون المواد الأساسية متاحة وبوفرة تمنع المتاجرين بها من خلق أسعار متعددة للمادة، وهنا سنعود إلى نقطة الصفر لجهة غلاء الأسعار بشكل مضاعف وتأثير ذلك على تكلفة الإنتاج وارتفاعها إلى حد كبير يرخي بظلاله على مختلف السلع.
ولعل الجميع اليوم بانتظار تحسن الواقع المعيشي، والسماع باجراءات تنهي حالة العجز في الميزان المالي الحكومي، نتيجة الإنهاك بتأمين المواد المدعومة التي تصل شحيحة إلى المواطن، في الوقت ذاته من الضروري الأخذ بعين الاعتبار أن تأمين المواد المدعومة بتكاليف كبيرة ليس سبباً وحيداً، وثمة ما هو متعلق بحجم الإنتاج وتراجعه نتيجة التكاليف الكبيرة الناتجة عن تذبذب سعر الدولار، وأيضاً الهدر والإدارة غير الناجحة لعملية الإنتاج، وهذه المؤسسات الإنتاجية بدورها عندما تحقق الشروط وتعطي الأرقام الصحيحة، من المفترض أن تكون قادرة على سد الحاجة والعجز.
إذاً العمل متكامل وإزاحة الدعم والهدر عن كاهل الحكومة يجب ألا يكون الإجراء الوحيد عند اتخاذ القرار ، لابد أن يترافق بحزمة كبيرة من الإجراءات لتحسين الواقع المعيشي للمواطن، يرى الخبراء والباحثون ضرورة تكون مستندة على أسس وبيانات صحيحة تضمن استمراريتها ومرونتها عندما يتطلب الأمر.
التالي