الملحق الثقافي- سهير زغبور:
عندما قيل عن الشعر:إنه ديوان العرب
لم يكن هذا القول مجرد توصيف آني وانتهى بمرور الزمن ..إنما كان اللبنة الأولى لمفاهيم كثيرة ترسخت فيما بعد عنه ..
وهنا لابدّ أن نتصرف باللفظ نحو عبارة الأدب بشكل عام ..
لنصل إلى سؤال قد يبدو تقليدياً أول الأمر …لكنّه في الحقيقة محرض حقيقي للكتابة ..ألا وهو :
ماجدوى الكتابة ؟
لماذا نكتب ؟ ..
نعم ماجدوى الكتابة ؟
يقول رولان بارت
((اللسان والأسلوب هما قوة عشواء أما الكتابة فهي تضامن تاريخي ))
أصاب جداً بتعبير تضامن تاريخي ..
فمنذ الجاهلية والأدب يعتبر وثيقة تاريخية ..فلطالما نقل الشعراء وقائع المعارك أو الفتوحات أو المفارق التاريخية الهامة ..وكانوا مصدر ثقة حقاً ..وغدا أدبهم وثيقة تناقلتها الأجيال حتى عصرنا هذا …
هذا يعني أن مسوغات الأدب ذات قيمة حضارية وإنسانية عظيمة ….
أضف إلى أنه لسان حال الناس ..يعبّرعنهم ..وعن حاجاتهم …رغباتهم ….
يعكس واقعهم ..
وإن لم يكن كذلك فهو فارغ حقاً من محتواه الإنساني …
أضف إلى دوره التنويري ..فلا يجهل أحد منا على سبيل المثال دور قاسم أمين في تحرير المرأة وقس على ذلك الكثير …
وإن كان الأديب على رهافة روحه قادراًعلى أن يكون مرآة غيره ..فكيف لايكون أدبه متنفساً له أيضاً …في كلّ حالاته ….
يصقله ..يجمعه بذاته وبالعالم كله ..
يقول نعيمة (( كلما بريت قلمي براني ))
وهذا إن دلّ على شيء فإنه يدل على تلك العلاقة المتماهية بين الأديب وقلمه …
كلاهما بيت سر الآخر …
وتلك العلاقة لايمكن للزمن أن يمحوها مهما كانت ممحاته بارعة ..
لذا لايصح لنا القول: إن دور الأدب ينتهي مع تقدّم الحضارات أو التكنولوجيا أو أنه بات موضة قديمة أو تراثاً بات حرياً بنا أن نضعه في متحف الذاكرة أو نركنه جانباً ….بل العكس نحن اليوم أحوج إليه ..في عصر التفكك الاجتماعي ..
والتقنيات التي حولتنا إلى روبوتات تحتاج إلى قلب ينبض لتعود حيّة …
نحن اليوم أحوج إليه ليظل محرك البحث عن الإنسان …الذي فقد الكثير من حمضه النووي في ظلّ التسابق إلى الأنا الباحثة عن ذاتها فقط ….
العدد 1155 – 15-8-2023