تصعّد الولايات المتحدة الأميركية أفعالها في مواقع تواجدها في دول العالم بشكل مباشر أو بدعم أعوانها كما تفعل في أوكرانيا التي تمدها بالسلاح وتقاتل فيها حتى آخر جندي ومواطن أوكراني.
المبعوثون من الإدارة الأميركية ينتشرون في معظم الدول التي تعمل على تحقيق مصالحها فيها، للتواصل مع عملائها خاصة في منطقة الشرق الأوسط، وتحشر أنفها في أي موقع تعتبره ضعيفاً أو ضيقاً لتحركه ضدّ جيرانه أو دولته، كما في محاولتها لتحريك منطقة القوقاز والقرم.
ما عرفناه عبر التاريخ الموثق اجتماعياً وإنسانياً أن (عدو جدك لن يودك) وهذا ثابت في تجارب الدول.
هل يمكن لدولة مستعمرة عملت على تدمير دول وإبادة شعوب أن تكون تدخلت فيها لخير هذه الشعوب، التي أعملت فيها التدمير والقتل الجماعي.. هل لأميركا التي فعلت ما فعلته في فيتنام وقتلت مئات الفيتناميين ودمرت قرى عن بكرة أبيها أن يكون ما فعلته لصالح الشعب الفيتنامي الذي تخشى على مصالحه، ولتعلمه الديمقراطية المشبوهة التي تتاجر بها.
هل ما فعلته في أفغانستان التي كانت دولة قوية عسكرياً وعلمياً، صناعية ونووية فأعادتها إلى ماقبل العصر الحجري لدرجة تحريم التعليم على الفتيات، وتركتها بلا أدنى مقومات، كالجسد بلا روح.
ما الذي فعلته في العراق وهاهو اليوم أمام أعيننا التي تبكيه للحال الذي وصل إليه مهما كان خلافنا السياسي معه يوماً ما..
السؤال الذي أتمنى أن نطرحه على بعضنا وبين كل فئاتنا الإنسانية التي تكوّن مجتمعنا الوطني السوري.. هل يمكن لأي مبعوث أميركي يتواصل مع أي مكون وطني على الساحة السورية أو خارجها أو يتواصل مع أي ممن يحمل جنسيته السورية في وجدانه أن يثق بهذا الأميركي، على أنه حريص عليه وعلى جماعته أو مجموعته او أهله وعشيرته..
لنفكر بالعقل والمنطق هل لمن قصف طيرانه مئات من أبنائنا السوريين الذين يقاتلون الإرهاب في جبل الثردة بدير الزور بإبادة جماعية أن يكون حريصاً على أبناء عشائرنا أو حتى على أهلنا الأكراد الذين أوهمهم بالانفصال عن دولتهم السورية لأجل حياة يزعم أنها أفضل، وهو يسرق النفط ويهدم البيوت ويرحّل العوائل أمام أعينهم، كيف يمكن الوثوق بنظام أميركي يقتل في كل مكان وبمبعوثه مهما حمل من مغريات.
كيف يمكن الوثوق بمن يدعى سفير سفارة أميركية افتراضية في سورية يتغلغل بين السوريين من أبناء الجنوب السوري محرضاً إياهم بحجة سوء الحياة المعيشية، وهو الذي أحرق القمح في حقوله وبيادره، وفرض الحصار الجائر مخالفاً المواثيق العالمية، ويتشدد بقانون قيصر ليحرم الشعب السوري أبسط مقومات الحياة.. هل يمكن الاقتناع بأنه عندما تنفصل منطقة أو محافظة ستكون بأفضل حال لأنه سيساندها ويقدم لها أسباب حياة أفضل.
كيف يمكن الاقتناع بأن يكون القاتل هو نفسه من يضمد جراح القتيل..
دعونا نفكر معاً، عندما يتغنى بايدن (المخرف) كما يصفه بعض سياسيي بلاده، بأنه يشدد الحصار على سورية وبأنه هو من يعمل على تجويع الشعب السوري وإنهاك الليرة السورية وإضعاف قوتها الشرائية، لتحطيم الاقتصاد السوري، يقول ذلك بكل الصفاقة التي يمكن لإنسان لديه ذرة إنسانية أن يتواقح التلفظ بها، كيف يمكن الوثوق بأي عنصر دنا أو علا في إدارته..
أي منطق يمكنه جعلنا نثق بمن دمر بلدنا وكانت طائراته التي يدعي أنها تضرب الإرهابيين تلقي صناديق الأسلحة لهم، ألا تستعيد ذاكرتنا ما حدث في عين العرب..
هي حقائق عشناها معاَ، على مدى أكثر من عقد من الزمان؛ هل يمكننا أن ننسى ضباطنا وجنودنا.. شبابنا.. والمدنيين الذين قتلهم الإرهابيين ممن جندتهم أميركا وحلفاءها وسربوهم لبلادنا مرتزقة، كي لا تعود جثامين الأميركيين كما حدث في العراق. اليوم يؤلبون أبناء البلد على البلد تحقيقاً لمقولة غولدا مائير أنها تكون سعيدة عندما يقتل يهودي فلسطينياً لكنها تكون أكثر سعادة عندما يقتل الفلسطيني فلسطينياً..
إذاً كل ما يفعلونه في سورية حماية لأمن الاحتلال الصهيوني.
هل بعد كل ذلك لم ندرك أن تصدير أزمة الانتخابات الأميركية والحزب الديمقراطي الأميركي التي بدأت فعلاً ويخشي الخسارة فيسعر النار في أوكرانيا ويحاول إشعال العراق ويخشى التقارب العربي. ويشغل النار في عين الحلوة. وأهم ما يحاول فعله لصالح الكيان الصهيوني إرضاءً للوبي في أميركا هو ما يحاول فعله في سورية على طول الشريط من سويداء القلب للتنف للحدود السورية العراقية.. يعينه في الجهة المقابلة للفرات شريكه في خراب سورية أردوغان العثماني.
ألا نعيد حساباتنا أيها الشعب العظيم فلا تضيع انتصارتنا ودماء شهدائنا، وعيوننا مفتوحة على عدو جدنا الذي لن يودنا أبداً ألم يحن وقت المواجهة.