«الآباء» المؤسسون!

ثورة أون لاين:
يذهب البعض, خاصة ممن يدعون الثقافة من العرب, إلى حد تقديس الثورة الفرنسية 1789 في مديحهم العالي لهذه الثورة, فيعتبرونها البوابة التي أطلقت الحريات والديمقراطيات, واللحظة الفاصلة التي انعطفت بالتاريخ الإنساني وانتقالته من الهمجية إلى الأنسنة..

إلى ما هنالك من نحت هالات التعظيم والتمجيد التي يضعون فيها هذه الثورة وثوارها, ودون أن يتذكروا أو يتنبهوا إلى أن الثورة الفرنسية كانت ثورة دموية بامتياز أيضاً, وأن الكثيرين الكثيرين من الأبرياء كانوا ضحاياها ومثلهم الكثيرين من أبنائها ودعاتها المؤسسين الأوائل أكلتهم الثورة وهضمتهم قبل أن تصل بأحفادهم إلى صناديق الانتخابات بعد أكثر من مئة وخمسين عاماً من الثورة!‏

ومثلهم, إلى حد ما فعل الأميركيون الأوائل برؤسائهم المؤسسين من أمثال فرانكلين وماديسون وجيفرسون وواشنطن وغيرهم, ورغم الدماء الكثيرة التي سالت في حرب الاستقلال عن التاج البريطاني وفي كتابة أول الدساتير في العالم, بل إنهم نحتوا لهم التماثيل العملاقة ووطنوا ملامحهم على عملاتهم النقدية وشيئاً من أقوالهم ومآثرهم الفكرية.. رغم البنوة الأميركية الدامغة لبريطانيا تاريخياً وعرقياً وثقافياً!‏

ومثل الفرنسيين والأميركيين فعل الروس السوفييت وأكثر تجاه الآباء المؤسسين لدولتهم العظمى سواء كانوا من السياسيين والقادة أو من الأدباء والشعراء والمثقفين, أيضاً عملوا على تخليد ذكراهم بكل الوسائل الممكنة ووزعوا تماثيلهم ونصبهم التذكارية في المدن الروسية عامة وفي كل مكان يصل إليه حتى السائح والغريب!‏

لكن, ثمة قواسم مشتركة تجمع بين كل هؤلاء الآباء المؤسسين لدولهم الوطنية التي باتت عظمى على أيديهم, وحتى لبقية الآباء المؤسسين لدول ومجتمعات أخرى في العالم ومنها العالم العربي, قواسم تجعل من كل منهم حقاً وفعلاً أباً مؤسساً.. أولها الانتماء الوطني المطلق لوطنه وأمته إذ لا عمالة لأحد ولا ارتباط بأحد أو جهاز مخابرات أو دولة أخرى مهما كانت كبرى أو صغرى ولا خدمات مجانية أو مدفوعة الثمن ومهما كان الثمن وسواء كانت العملة دولاراً أو ريالاً أو درهماً, وثانيها, البرنامج السياسي الواحد الواضح البين والمتسلسل صعوداً من تطوير المحراث الروماني وصولاً إلى غزو الفضاء وتثبيت العلم الوطني على سطح القمر.. وليس هبوطاً وانحطاطاً من وعد الدولة المدنية الديمقراطية التعددية إلى واقع دولة العصابات والإرهاب والحروب القبلية والطائفية وصولاً إلى همجية جز الأعناق وتقطيع الأوصال, وثالثها: المثال والنموذج والقدوة التي تقدم المصلحة العامة على الخاصة ولو كان ثمنها دماً.. وليس السفر والفنادق والفضائيات والسياحة بين العواصم وقبض كل ما تيسر من الشيكات والحوالات من كل الجهات وبجميع العملات!‏

جولوا بأفكاركم وأنعشوا ذاكراتكم المعرفية والتاريخية بمحاولات التعرف إلى آباء مؤسسين لما يزعم أنه «ثورات عربية» في هذا الربيع الدامي.. هل عثرتم على أحد .. أبداً؟‏

خالد الأشهب

آخر الأخبار
دمج الضباط المنشقين.. كيف تترجم الحكومة خطاب المصالحة إلى سياسات فعلية؟  قمة المناخ بين رمزية الفرات والأمازون.. ريف دمشق من تطوير البنية الصحية إلى تأهيل المدارس   زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن.. تفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي     تحسن ملحوظ في سوق قطع غيار السيارات بعد التحرير  "إكثار البذار " : تأمين بذار قمح عالي الجودة استعداداً للموسم الزراعي  دمشق تعلن انطلاق "العصر السوري الجديد"   من رماد الحرب إلى الأمل الأخضر.. سوريا تعود إلى العالم من بوابة المناخ   الطفل العنيد.. كيف نواجه تحدياته ونخففها؟   الجمال.. من الذوق الطبيعي إلى الهوس الاصطناعي   "الطباخ الصغير" .. لتعزيز جودة الوقت مع الأطفال   المغتربون السوريون يسجلون نجاحات في ألمانيا   تامر غزال.. أول سوري يترشح لبرلمان آوغسبورغ لاند محاور لإصلاح التعليم الطبي السوري محافظ حلب يبحث مع وفد ألماني دعم مشاريع التعافي المبكر والتنمية ابن مدينة حلب مرشحاً عن حزب الخضر الألماني خاص لـ "الثورة": السوري تامر غزال يكتب التاريخ في بافاريا.. "أنا الحلبي وابنكم في المغترب" سوريا تفتح نوافذ التعاون العربي عبر "معرض النسيج الدولي 2026"  رفع العقوبات إنجاز دبلوماسي يعيد لسوريا مكانتها ودورها الإقليمي دعماً للإعمار.. نقابة المهندسين تؤجل زيادة تكاليف البناء من التهميش إلى التأثير.. الدبلوماسية السورية تنتصر