أحمد ضوا
يعكس القرار غير الملزم الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة حول العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة حالة تفوق المصالح على المبادئ والقيم الإنسانية والدينية والقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والانحياز المطلق لقتلة الأطفال والنساء ومرتكب جرائم الإبادة الجماعية كيان الاحتلال الإسرائيلي.
على مضض وافق أعضاء الجمعية على القرار بعد معركة طاحنة بين من يسمون أنفسهم العالم الحر وبين الدول التي مازالت تتمسك بالقيم الإنسانية والقانونية، حيث أصرت الدول الداعمة للكيان الإسرائيلي المغتصب للأرض الفلسطينية المساواة بين القاتل والمجرم والإرهابي والعنصري والضحية الذين هم في غالبيتهم من الأطفال والنساء، ومع ذلك امتنع الكثير منهم عن التصويت في موقف عدواني وإجرامي لا مثيل له في عالمنا المعاصر.
ينص القرار حرفياً على “هدنة إنسانية فورية ودائمة ومتواصلة تفضي إلى وقف القتال وتوفير الاحتياجات الأساسية للمدنيين في غزة، وضمان وصول المساعدة الإنسانية من دون عوائق”.
لم يتطرق القرار إلى القاتل ولم يشر إليه بشكل مباشر أو غير مباشر وكأن ما يجرى في قطاع غزة لا يشاهده أحد وكأن الأطفال الذين يستشهدون مع عائلاتهم بالكامل ليسوا على هذه الأرض.
لن يحترم كيان العدو الإسرائيلي هذا القرار كغيره من القرارات العديدة السابقة وسيستخدمه كغطاء لمواصلة عدوانه على قطاع غزة والضفة الغربية متذرعاً بحجج وأكاذيب ينتظرها الإعلام الغربي للعمل على ترويجها كما يفعل في طمس جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها القوات الإسرائيلية المحتلة.
لقد تحدى مندوب الكيان بقوله إن مكان القرار الذي صوتت عليه 120 دولة وعارضته وامتنعت عن التصويت عليه الدول الأوروبية والولايات المتحدة “في مزبلة التاريخ” العالم بأسره في حالة غير مسبوقة من الغطرسة وعدم الإحساس بالواقع المأساوي الذي لا يوصف جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
إن تحفظ سورية على بعض الصياغات الواردة في مشروع القرار، التي تساوى بين الاحتلال الإسرائيلي والشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال، بين القاتل والمقتول، بين الجلاد والضحية وامتناع تونس عن التصويت للسبب نفسه ينطلق من حرص سورية على وصول المساعدات الإنسانية بالدرجة الأولى وتسجيل تونس لموقف صارم كي لا يسجل في تاريخ الجمعية العامة المساواة بين القاتل والضحية.
يمكن إدراج هذا القرار غير الملزم في سياق توجه الدول الغربية لتبرير دعمها المطلق للعدوان والجرائم الإسرائيلية والأيام القادمة ستكشف مدى النفاق والخبث الغربي وعدم الاكتراث بحياة الناس عموماً عندما يتعلق الأمر بمصالحهم ولذلك هم يصرون على دعم النظام الأوكراني رغم معرفتهم بعدم قدرته على مواجهة روسيا الاتحادية وهم أيضاً يقدمون الدعم للكيان الإسرائيلي الذي يرتكب المجازر الجماعية بحق أبناء الشعب الفلسطيني.
إن إصدار الجمعية العامة لهذا القرار يبقى حبراً على ورق إذا لم يلتزم به كيان الاحتلال، ولذلك على جميع الدول التي صوتت عليه وبالأخص الدول العربية أن تتابع وتضغط لتطبيقه على أرض الواقع لكسر حصار الاحتلال على قطاع غزة وإدخال المستلزمات الغذائية والطبية الضرورية.
