في يوم البيئة الوطني.. تغير مناخي سريع يهدّد الجميع ووزارة الزراعة على الخط الأول في جبهة المواجهة

الثورة – تحقيق – إخلاص علي:
تحتفل جهاتنا العامة في هذه الفترة باليوم الوطني للبيئة من باب أهميتها إلا أن موضوع الاهتمام بالبيئة في  معظم الجهات العامة  يأخذ الطابع البرتوكولي على شكل حملات توعية ونظافة وغرس عددٍ من الأشجار، بالمقابل هناك جهات يشكّل موضوع البيئة محور عمل بجبهات عريضة  واستراتيجيات طويلة الأمد، وبإطار أوسع وأشمل وعلى مستوى إقليمي ودولي تحت مسمّى مواجهة التغيرات المناخية.
وزارة الزراعة المعني المباشر بهذا الملف كمواجهة للآثار الناجمة عن الاعتداء على البيئة  وليس كإدارة  تعمل بشكل مباشر على مواجهة التغيير المناخي على أرض الواقع  من خلال  مشاريع واستراتيجيات  طويلة الأمد سنتعرّف عليها في هذه المادة.

– أصناف متحملة للإجهاد الحراري والمائي..
البداية كانت من الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية  حيث أكد  الدكتور موفق جبور مدير عام الهيئة  رداً على سؤال ل ” الثورة ” حول الإجراءات التي تعمل عليها الهيئة في إطار التخفيف من آثار التغير المناخي، حيث أكد أن العمل لمواجهة الآثار الناجمة عن التغير المناخي يومي ومستمر وفق إستراتيجية طويلة من خلال التركيز على  تربية واستنباط  أصناف من مختلف المحاصيل متحمّلة للإجهاد الحراري والمائي تتصف بثباتية الإنتاج تحت ظروف الإجهاد، أيضا عملنا على  أبحاث أخرى  وتم توطينها مثل تربية أصناف مبكّرة لتقصير فترة النمو الخضري وتقليل عدد الريات، والهروب من الموجات الحرارية التي يتعرض لها النبات في فترة الأزهار والعقد، كما تم البحث  في رفع كفاءة استخدام المياه من خلال نشر تقنيات الري الحديث وتشجيع دعم الري الحديث من خلال صندوق التحوّل للري الحديث، وإدخال تقنيات الري التقليدية المطورة كالري بالمصاطب، أيضاً عملنا على  تأهيل أجهزة الري السطحي المطوّر مثل التسوية بالليزر بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة وهي توفّر المياه بحدود 25-35 % مقارنة بالري التقليدي، أيضاً عملنا  على استعمال المياه غير التقليدية في إنتاج محاصيل علفية مقاومة للجفاف والملوحة: (مياه الصرف الزراعي، مياه الصرف الصحي المعالجة، المياه الرمادية، المياه المالحة) ، حصاد مياه الأمطار على مستوى الحقل: الاهتمام بمشاريع حصاد المياه على مستوى الحقل عند الفلاح والذي يؤدي إلى زيادة رطوبة التربة والتقليل من الجفاف والري والحد من انجراف التربة وزيادة إنتاجية المحاصيل والأشجار المثمرة.

– انخفاض في معدلات الهطول في البادية..
أما عن الوضع في البادية فقال الدكتور بيان العبد الله مدير عام هيئة البادية:  التغير المناخي كان واضحاً وكبيراً عدا عن ان البيئة تتميز بالأساس بفروق حرارية كبيرة بين الصيف والشتاء والليل والنهار، كما ظهرت في الآونة الأخيرة موجات حر غير مسبوقة في فصل الصيف تجاوزت فيها الحرارة 50درجة مئوية، وهذا يعيق العمل والتنقلات ويزيد الأمراض المتعلقة بالحرارة على الإنسان والثروة الحيوانية كالجرب والقلاعية والمالطية وغيرها وضربات الشمس ومرض السحايا على الإنسان وتقزم وموت الكثير من النباتات نتيجة شدة الحرارة والجفاف.
وتابع العبد الله: حدث أيضاً سوء في توزيع الأمطار في البادية إما مبكرة أو متأخرة أو على شكل شدّات مطرية تؤدي إلى السيول وتنحبس لفترة طويلة ما يقلل الفائدة منها وتقلّصت بشكل كبير المطرات الفاعلة في السنة وهي لا تتجاوز مطرتين أو ثلاث في السنة ( المطر الفاعلة تزيد عن 10ملم 24 ساعة ).
وأشار العبد الله إلى أن هذه التغيرات أدت إلى تدهور الغطاء النباتي وعلى نطاق واسع وتسببت في تشكّل الكثبان الرملية التي تؤثر على الحركة والحياة في البادية كما أن ارتفاع درجات الحرارة المستمر أدى انتشار الجفاف والذي أثر بشكل كبير على الطبيعة (المراعي)،وعلى الحياة السكانية فيها، وقلة الأمطار أدت إلى زيادة العواصف الرملية التي تشكل خطراً على الحياة في البادية وانتشار التصحر الذي يصعب السيطرة عليه نتيجة نوبات الجفاف الحادة وتغيرات عناصر المناخ  وهذا كله أدى إلى تقلص المساحات الخضراء وزيادة حركة الكثبان الرملية وتدهور في النظام البيئي في البادية السورية  الذي لعب بدوره عاملاً سلبياً في التغيرات المناخية في تلك المناطق.

– تأهيل 86 بئراً في البادية..
وعن دورهم في مواجهة هذه التحديات قال: تعمل الهيئة  العامة لإدارة وتنمية وحماية البادية وبكل طاقاتها على إعادة الحياة و توطين المربين في تجمّعاتهم التي هُجِّروا عنها قسراً، وعليه لابد من توفير المرعى ومياه الشرب لقطعان الماشية لدى المربين، من هنا انطلقنا في إعادة تأهيل المحميات الرعوية واستزراعها بالنباتات الرعوية المنتجة في مشاتل الهيئة بمعدل ١٧٠٠-١٨٠٠ هكتار سنوياً، كما نعمل على تشجيع المربيين في المناطق الهامشية لإقامة محميات رعوية خاصة لتوفير العلف الأخضر في الفترات الحرجة والتخفيف من الآثار السلبية
للتغيرات المناخية بزيادة البقعة الخضراء، وفي هذا الإطار كانت لنا  تجارب ناجحة مع مربيي منطقه السعن والشيخ هلال  في بادية حماة ( منطقه استقرار رابعة)، حيث تم توزيع ما يقارب ١٧٠ ألف غرسه رعوية متنوعة مع تقديم كافة التسهيلات والإشراف الفني من قبل هيئه البادية، وفي الإطار نفسه وبغيه تقديم مياه الشرب لقطعان الماشية عند المربيين نعمل على إعادة تأهيل الآبار تدريجياً على كامل المساحات الآمنة في البادية، اذ بلغ مجموع ما أُعيد تأهيله من الآبار حتى تاريخه ٨٦ بئراً من أصل ٣٧٥ بئراً  منها ١٣ بئراً تم تشغيله على الطاقة البديلة.

– 2.85  نسبة الحراج..
قد تكون التغيرات المناخية  غير واضحة بشكل كبير في بعض القطاعات إلا أنها تبدو أكثر وضوحاً في الغابات والحراج لأن الغابات توفر لنا الهواء النظيف والمياه النقية، كما أنها تتولّى تخزين كميات ضخمة من الكربون وتلطيف المناخ، فتشكل بذلك دفاعاً بالغ الأهمية في مواجهة الاجترار العالمي، وهي كذلك  موطن لمعظم أنواع التنوع البيولوجي المذهلة على كوكبنا وتوفر لنا الظل وسُبل الاستجمام والإحساس بالرفاهية.
وأكد الدكتور علي ثابت مدير الحراج في وزارة الزراعة أن  مساحة الغابات الطبيعية في سورية حوالي 232840 هكتاراً، المشجرة اصطناعياً منذ عام 1993 ولغاية عام 2023 حوالي 294970 هكتاراً، وبذلك تصبح المساحة الإجمالية للغابات في سورية (غابات طبيعية 232840 هكتاراً  وغابات اصطناعية 294970)، أكثر من نصف مليون هكتاراً (527810 هكتاراً)، أي ما نسبته 2.85 % تقريباً من مساحة سورية.
وعن تأثير التغيرات المناخية في الغابات قال ثابت  تخضع جميع الغابات السورية للمناخ المتوسطي، وبالتالي فهي نظم بيئية متوسطية بامتياز، من المتوقع أن تكون النظم البيئية الحراجية المتوسطية من بين الأنظمة البيئية الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية، ومن الممكن أن تحصل تغيرات كبيرة في الغطاء النباتي مع الارتفاع في متوسطات درجات الحرارة وتضاعف تركيز ثنائي أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وانخفاض في معدلات الهطل وتغير في توزعها، والذي سينجم عنها زيادة في موجات الجفاف وزيادة في شدة وعدد الحرائق. إذ إن مسألة زيادة تكرارية الحرائق أمر ملاحظ في الغابات الموجودة في حوض البحر الأبيض المتوسط بشكل عام.
وتابع: كما أن ازدياد عدد الحرائق في الغابات السورية، وزيادة تكرارية الحرائق الشديدة التي تدمر مساحات كبيرة جداً من الغابات (أكثر من 1000 هكتارا في الحريق الواحد)، ازدادت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة وهذا التزايد في الحرائق يعود لأسباب عديدة من بينها الرياح المتقلبة والجافة التي ازداد تكرارها في السنوات الأخيرة  ومن الملاحظ تزايد المساحات المحروقة بشكل كبير خلال السنوات الخمسة الأخيرة حيث تضاعف متوسط المساحة المحروقة، الأمر الذي ينذر بالخطر وبشكل خاص لغابات الصنوبر البروتي والتي تعتبر الأفضل والأكفأ في امتصاص الكربون، كما أن كتلتها الحية هي الأفضل بين الغابات وبالتالي فإن احتراقها يطلق كميات متزايدة من الكربون.
وحول الخطط المرحلية والمستقبلية لمواجهة التغيرات المناخية قال: تتمحور خططنا حول اتخاذ الإجراءات المناسبة للتخفيف من التأثيرات المناخية على النظم البيئية الحراجية ومن أهمها، أولاً الإدارة المتكاملة والمستدامة للغابات، يعني تأمين استثمار مستدام للخشب والمنتجات الأخرى للغابة، إجراء قطع الأشجار بناء على تخطيط مسبق وبشكل مراقب، الحفاظ على الوظائف المتعددة للغابة كشرط أساسي للتنمية المستدامة ولرفاه المجتمعات الريفية والحضرية.
وثانيا – بحسب ثابت –  إعادة تأهيل الغابات الطبيعية المتدهورة وتحويلها إلى غابات أوجية أو شبه أوجية في زيادة الكتلة الحية لهذه الغابات وزيادة معدل تراكم الكربون فيها وزيادة فعاليتها في تثبيت الكربون، وثالثا  تطبيق إستراتيجية الإدارة المتكاملة لحرائق الحراج، المبنية على مفهوم الإدارة البيئية المستدامة للحراج، والتي تلعب دوراً حاسماً في وقاية الغابات من خطر الحرائق، وفي عمليات المكافحة والإطفاء الميدانية.
وفي الختام نقول إن بيئتنا تتدهوّر بشكل كبير وسريع وهذا يحتاج إلى مضاعفة الجهود وإعادة النظر بتبعية وإدارة هذا الملف المشترك بين جميع الجهات والفعاليات.

 

آخر الأخبار
حلب.. توثيق العلاقات بين المدن السورية واليونانية تعنيف طفل على يد قريب في حماة يفتح ملف العنف الأسري الداخلية السورية تُنظّم زيارات للموقوفين وتُخفف معاناة الأسر مسؤولان أوروبيان: سوريا تسير نحو مستقبل مشرق وتستحق الدعم الرئيس الشرع يكسر "الصور النمطية" ويعيد صياغة دور المرأة هولندا.. جدل سياسي حول عودة اللاجئين السوريين في ذكرى الرحيل .. "عبد الباسط الساروت" صوت الثورة وروحها الخالدة قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل خرقها اتفاق فصل القوات 1974 "رحمة بلا حدود " توزع لحوم الأضاحي على جرحى الثورة بدرعا خريطة طريق تركية  لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع سوريا قاصِرون خلف دخان الأراكيل.. كيف دمّر نظام الأسد جيلاً كاملاً ..؟ أطفال بلا أثر.. وول ستريت جورنال تكشف خيوط خطف الآلاف في سوريا الأضحية... شعيرة تعبّدية ورسالة تكافل اجتماعي العيد في سوريا... طقوس ثابتة في وجه التحديات زيادة حوادث السير يُحرك الجهات الأمنية.. دعوات للتشدد وتوعية مجتمعية شاملة مبادرة ترفيهية لرسم البسمة على وجوه نحو 2000 طفل يتيم ذكريات العيد الجميلة في ريف صافيتا تعرض عمال اتصالات طرطوس لحادث انزلاق التربة أثناء عملهم مكافحة زهرة النيل في حماة سوريا والسعودية نحو شراكة اقتصادية أوسع  بمرحلة إعادة الإعمار