الثورة _ لميس علي:
منذ اللحظة التي بدأ فيها عرض مسلسل “الخائن”، بنسخته العربية (السورية- اللبنانية)، ترافق ذلك مع ظهور مقاطع للنسخة التركية.
لم يكن صعباً على المتابعين الوصول لنتيجة أنه مستنسخ، أو “فوتوكوبي” عن نُسخٍ سابقة.. فحتى العمل المدبلج التركي مأخوذٌ عن عمل كوري، وهذا الأخير مأخوذ بدوره عن آخر أميركي.. لكن طغت النسخة المدبلجة للغة العربية لأن موضة النقل عنها صارت عادة درجت عليها كبرى شبكات البث العربي (mbc).. التي بقيت سنوات، وحتى الآن تقدّم أعمالاً مدبلجة عن لغاتٍ عدّة، وأكثرها رواجاً الأعمال التركية التي ساهمت الأصوات المحلية بانتشار عددٍ كبير منها..
لكنها بقيت لفترة زمنية طويلة ضمن إطار “الدبلجة”..
وهو ما وفّر وجود (حاجز) يؤمّن نسبةً من تقبّل ما يشاهده المتلقي.. بمعنى: الاقتناع مسبقاً أن ما يراه مجرد حكاية درامية لا تخصّه أو تعنيه بشكلٍ مباشر.. أما الآن.. فانتقلت من نوع (المدبلج) إلى (المُعرّب).. وبالتالي أصبحت وسائل أو صيغ الإقناع أكثر تأثيراً..
فكل ما يشاهده يوهمه أنه يتلّبس واقعه: اللغة، الممثلون، ومحاولة “التعريب” أو القولبة التي تشابه وربما تطابق (الأصل) في نواحٍ عدّة.. بعيداً عن “الموضوعات” المطروحة والتي تأتي بقالب (يُشبهنا) من حيث ممارسة نوعٍ من خداع بصري.. لكنه لا يمتّ لنا بصلة من حيث بعض أهم مفاصل الحكاية المعروضة علينا، التي تكرّس جوانب (الخداع، الخيانة، الانتقام، الغدر).. ومفاهيم سلبية بعمومها نراها بأداءٍ ووجوهٍ قريبة منا واعتدنا رؤيتها..
غالباً.. يمكن لنا إدراج هذا النوع من الدراما تحت مسمى (التمويه).. فهي تتقن تمويه الواقع.. وتتعثر بتحقيق فن “الإيهام” به..
ولا نعلم ما هي الغاية الحقيقية من تحويل النسخة “المدبلجة” باللغة العربية والمتوفرة، إلى نسخة أخرى مُعرّبة بالكامل..؟
لطالما لا يوجد فارقٌ يعتدّ به أو يُذكر ما بين النسختين..
وهو ما تؤكّد عليه الكثير من المقاطع التمثيلية التي تُعرض على مواقع التواصل وتؤكّد على “التطابق” شبه الكامل والتام.
ما الغاية التي يرغب بها الممثل السوري أو اللبناني من جعل نفسه مجرد نسخة..؟
فالمقارنة أصبحت متاحة بكلّ حركة يؤدّيها أبطال النسختين.. وحتى بكل نفَس.
مع الأعمال المعرّبة تحوّلت الدراما إلى مجرد ممارسة (نسخ- لصق) ثلاثي الأبعاد..
فلا اجتهاد ولا ابتكار بمحاولة تقديم إعداد حقيقي للنص يقارب واقع الحياة المُعاشة في المكان المفترض للوقائع والأحداث التي نراها، والذي هو “بيروت”، في مختلف الأعمال التي قُدّمت إلى الآن (عروس بيروت، ع الحلوة والمرة، ستيليتو، كريستال).. ما يفعله القائمون على هذه الموجة من الدراما أنهم يرغمون أنفها لتصبح دراما مشتركة.. مع أنه حتى هذه الأخيرة بالكاد كانت تقنع المشاهد.. فكيف بتلك التي تبدو مجرد تقليد.