تحدثنا في زاوية سابقة عن الاستثمار في العقول وقلنا إن بلدنا فيه الكثير من العقول المبدعة التي يمكن الاستثمار فيها، خاصة بين الشباب، ونخص بالذكر طلاب المعاهد التقنية والصناعية وطلاب الجامعات وعلى وجه التحديد طلاب وطالبات الهندسة الطبية.
واليوم نتحدث عن تلك العقول كون الإبداع والابتكار يمثلُ إحدَى الضروراتِ الأساسيةِ فهو بالتعريف بأنَّهُ أفكارٌ تتصفُ بأنَّهَا جديدة ومفيدة ومتصلة بحلٍّ أمثل لمشكلاتٍ معينةٍ أو تطويرِ أساليبَ أو أهداف أو تعميق رؤيةٍ أو تجميع أو إعادة تركيب الأنماطِ المعروفةِ فِي السلوكياتِ فِي أشكالٍ متميزةٍ ومتطورةٍ تقفزُ بأصحابِهَا إلَى الأمامِ، إلاَّ أنَّ التعريفَ وحدَهُ لا يحققُ الإبداع مَا لم يتجسدْ فِي العملِ؛ لِذَا قدْ يمكنُ أنْ يقالَ إنَّ الإبداعَ الحقيقي هُوَ فِي العملِ المبدعِ لاَ فِي التفكيرِ، وَإنْ كانَ العملُ المبدعُ يسبقهُ تفكيرٌ مبدعٌ.
فالفكــر المتجدد ونعني به الفكـر المبـدع الذي دفع بالمبدعين تقديم اختراعاتهم في معرض متخصص، لا يتوقف عند حد معين و لا يحصر نفسه في قالب واحد جامد، وكم نحن بحاجة إليه اليوم و غداً لدفع عمليــة التطـويــر قدماً إلى الأمـام والبعض يعتقـد أن هذا الفكـــر المتجــدد مرتـبـط بالســن أي يغلـب وجــوده عنــد الشــباب وهذا غير دقيق فبعض الأشخاص يدخلون سن الشباب وقد تحجرت عقولهم باكراً، ولا نكون مغالين إذا ما قلنا إن إبداع الإنسان وعمله أهم ثروة لأن الثروة البشرية لدينا ليسـت كماً وحســب وإنما هي تراث وتاريخ وحضارة وما ينتج عنها من فكر و إرادة و تصميم.
فالإنسان لديه القدرة إذا أراد أن يبدع ويحسن الإبداع كونه يعتبر من أعلى الإنجازات الإنسانية مرتبة، ولأهميته العظيمة في حياتنا، وما حققته المؤسسات والأفراد من إنجازات حضارية وما نشاهده من تقنيات ومخترعات وأنظمة وقواعد وقوانين تنظم حياة الناس اليوم، كان لها أكبر الأثر فيما وصلنا إليه من تطور وتقدم على الرغم من أن الاهتمام بالمبدعين لم يكن في المستوى المطلوب.
فتطوير العمل في أجهزة الدولة ومؤسسـاتها وأيضاً على مستوى الاشخاص، بات ضرورة ملحــة ومسـؤولية وطنية حتى لا تتسـع الفجوة بيننا و بين الآخريـن وحتى نكون شركاء أكفـــاء في كل ما يجري من تطورات سياسية و اقتصادية، من هنا تأتي أهمية قيام معرض للمبدعين أفراداً ومؤسسات يعرضون فيه نتاج إبداعاتهم العلمية، التي تعود بالفائدة على الوطن وعليهم بآن معا، ونعتقد أن أحد أهم أهداف تلك المعارض هو تجسيـد حقيقـي لشعــــــار الاعتمــاد علـــى الــــذات كموقــف وطنــي، لتشجيـع المبدعين والمخترعين والمبتكرين لمواصلة اتجاهاتهم العلمية وتطوير إبداعاتهم، والاستفادة القصوى من هذه الاختراعات ووضعها موضع التطبيق من أجل عملية التطوير والتحديث.
ونعتقد أن رعاية المبدعين وحمايـة اختراعاتهم وإشهارها وتنميتها يشكل حاجة ضرورية، حيث نأمل أن تلاقي هذه الاختراعات والإبداعات طريقها لدى المسؤولين والاستفادة منها وبالحدود القصوى.