عاد العدوان الصهيوني على غزة بعد فشل استمرار عملية تبادل الأسرى أكثر ضراوة وتوحشاً ، في الوقت الذي قدمت المقاومة أفضل صورة للتعامل الإنساني مع الأسرى من المستوطنين اليهود ممن قدموا شهادات صدمت نتنياهو وغالانت ومجرمي الصهاينة وفضحت تعاملهم مع الأسرى الفلسطينيين بعدما حاولت أن تفرض عليهم عدم الاحتفال بأي مظهر من مظاهر الفرح ، وعلى الجانب الدولي الآخر شهدت غزة سقوط أكاذيب الغرب الاستعماري بالحرية والديموقراطية وتكون بذلك مقبرة القانون الدولي الذي ما زال حتى اليوم يقف عاجزاً عن إنفاذ بنود اتفاقياته ومعاهداته فضلاً عن حجم الأكاذيب والروايات السياسية المعكوسة لحقيقة ما جرى منذ اللحظة الأولى ، ورد الفعل المتوحش الذي جاء عدواناً مدمراً بعد العملية البطولية التي نفذها أبطال فلسطين في السابع من تشرين الأول الماضي ، فتلك العملية التي كانت انتصاراً موصوفاً غير مسبوق للمقاومة الفلسطينية فإنها شكلت تحدياً وجودياً لكيان العدوان الصهيوني وهو ما استدعى جيوش الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وحتى بلجيكا ودول اسكندنافيا وكامل التركة الاستعمارية للاستنفار القتالي خشية سقوط الكيان الصهيونى المؤقت، فكان الجسر الجوي المفتوح ملازماً لمشاركة قوات أميركية من قوات النخبة في محاولة لرفع المعنويات المنهارة لجنود الاحتلال ، ويبقى السؤال المعلق والمستمر عن سبب استمرار العدوان بعد هدنة مؤقتة لسبعة أيام شهدت تبادلاً للأسرى بوجهين مختلفين.
لم تكن الأهداف من العدوان على غزة التي أعلنها نتنياهو ممكنة التحقق، إلا في خيالات وأوهام مجرمي الحرب الصهاينة ، وهي أهداف تراجع عنها أمام وقائع ومجريات الحرب على الأرض ووقف عند هدف استرجاع الأسرى فقط معتبراً ذلك يمثل الانتصار المرجو من العدوان ، بعد التراجع عن تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء والقضاء على البنية العسكرية للمقاومة ، وهما الأمران اللذان يدخلان في دائرة المستحيلات في الوقت الراهن ، فكانت عودة العدوان محاولة لتكرار سياسة الضغط والحصار والدمار عل ذلك يؤدي إلى تحقيق ما عجز عنه العدوان قبل هدنة تبادل الأسرى ، وهنا يبدو غباء الصهاينة جلياً ، فليس من المعقول الوصول إلى نتيجة مختلفة مع تكرار ظروف التجربة ذاتها ، لكنه الحقد الأعمى والتربية التلمودية والتوراتية الحقودة التي تحكم متعصبي ومتشددي الكيان الصهيونى ممن يسيطرون على قرارات الحرب معتمدين على الدعم اللاإنساني والمتوحش من جانب واشنطن وأوروبا الغربية وهم يتعامون عن نتيجة الأيام الخمسين الأولى من العدوان التي لم تحقق هدف اجتثاث البنية العسكرية للمقاومة ولم تتوصل إلى مواقعها ، بل على العكس تماماً ، كان المقاومون من حقق الانتصار ببطولات مشهودة ، وأن الأمر سيكون أفضل حالاً بعدما فشلت جهود الاستخبارات الصهيونية في إدخال أجهزة التتبع الإلكترونية إلى مواقع المقاتلين الفلسطينيين من خلال عناصر الصليب الأحمر ، الأمر الذي يعزز الثقة الشعبية بقدرات المقاومة واستعدادها لمواجهة جميع الاحتمالات ، ولن تمر الشهور الثلاثة التي وضعها الكيان الصهيونى حداً للعدوان إلا وكانت النتائج مخيبة لأهدافه ، مقابل انتصار سيترك آثاره على امتداد المنطقة كلها .