ثمة لحظات تحتاج فيها للابتعاد عن كل ما يخصك، حتى يصمت عقلك ويكف عن الدوران في أفقك، قد لا تسعدك الروايات أو حكايا الآخرين حين تصاغ أدباً وتغرق في كلماتها باحثاً عن حياة أخرى، ولكنها بالتأكيد إن تمعنت فيها سوف تلهمك كيف تدفع أحجار حياتك كي تكف عن إعاقتك وتفسح لك مكاناً مختلفاً تنتج فيه وقتك القيم.
الأدب بقيمته وكينونته الفريدة أيا كان نوع منتجه نعيش معه أقوى الاقتباسات والحكم، جملة واحدة قد تبدل مزاجنا، تغير تفكيرنا، ومن غير الفكر يقود حياتنا…؟
لطالما كان الأدب تعبير عن الفكر الإنساني والتطلع نحو المعايير الجمالية، ولطالما كانت علاقة الأدب مع الحياة والبيئة التي تنتجه تفاعلية وإبداعية للتعرف على مختلف أوجه الحياة بطريقة تثري العقل البشري وتنعكس تطوراً على المحيط.
الخروج عن المألوف الواقعي أهم ما يميز الأدب حيث يغلف تفاصيل الواقع بروح إنسانية شفافة لتنقلنا تلك الكلمات إلى أبعاد غير عادية تنعكس على أحاسيسنا خاصة حين تتمكن من ترجمة المشاعر بجمالية تتبدى بين الكلمات الرسالة مع المتعة مع أهداف شتى كلما تنوعت كلما أتقنت الكلمة نقلناً إلى كل ما هو بعيد عن المادة لندرك غايتنا الأسمى من الحياة، لنكتشف أن الأديب الحقيقي هو الذي يراقب ألم الآخرين ومعاناتهم ويساعدنا عبر إبداعه التجول معه لتنفتح عوالمنا على رؤى لا يحدها زمن.
كل ما نعيشه اليوم من محاولات تهميش الأدب والفكر سواء أكانت عفوية أو بسبب تبدل طبيعة العصر، فإنها ترمي بنا إلى أودية التسطيح، وأكثر ما نحتاجه اليوم ونحن في عز أزماتنا مبادرات تدعم القطاع الأدبي وتضمن استدامته من خلال خلق جسر مع الأجيال الجديدة وفتح آفاق المبدعين والمثقفين لا ليشاركوا بإنتاجهم فقط بل من أجل إيجاد دور نشر، وجهات تدعم نتاجهم الأدبي، بل للمشاركة بآرائهم لصياغة مستقبل الأدب.
إن حركة الشباب الأدبية هي الدافعة الأقوى لاستمرارية الأدب والفكر بالمحصلة، وهي المنارة التي يمكنها أن تنير مشهدنا الأدبي.