الثورة – ترجمة غادة سلامة:
“فرنسا ولاية أمريكية جديدة.” نعم هذا هو الوصف المناسب لسياسة باريس خلال العقدين الأخيرين، منذ رئاسة نيكولا ساركوزي إلى الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، حيث خسرت فرنسا كل مبادرة سياسية في العلاقات الخارجية، وأصبحت مجرد تابع ومطيع لمبادرات واشنطن، وقد تفاقم هذا الأمر بعد عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين أول 2023.
منذ الحرب العالمية الثانية، نجحت فرنسا، في عهد رؤساء مثل شارل ديغول وجاك شيراك، في احتلال مكانة خاصة لنفسها في العلاقات الدولية. وعلى الرغم من انتمائها للغرب.
وقد تمتعت فرنسا باحترام كبير خلال رئاسة جاك شيراك، خاصة في حرب العراق، عندما وقف وزير خارجيتها آنذاك دومينيك دو فيليبان في مجلس الأمن منتصف شباط 2003 ضد واشنطن ولندن. ونفى أن تمتلك العراق أسلحة كيماوية، وحذر من أن “اللجوء المبكر إلى الخيار العسكري سيكون محفوفا بالمخاطر.”
كما نالت فرنسا احترام الفلسطينيين، لأن موقف باريس كانت تؤكد على حقوق الفلسطينيين، وقد رفع شيراك هذا الشعار طوال مسيرته السياسية، خاصة عندما كان وزيراً أولاً ثم رئيسا للجمهورية. لكن فرنسا الرسمية بدأت تفلت من استقلالها نحو الانخراط في دعم السياسة الأميركية والإسرائيلية بشكل ملحوظ، وهو ما بدأ منذ تولي نيكولا ساركوزي منصبه في البلاد.
وكان صهيونيا في مواقفه، ثم انتقلت البلاد إلى مرحلة التراجع الصامت خلال رئاسة فرانسوا هولاند، فيما يبدو إيمانويل ماكرون وكأنه عضو في حزب الليكود وليس رئيس دولة أوروبية. وتتحدث الصحافة الفرنسية، بما فيها “لوموند”، عن مدى القلق السائد داخل دوائر الدبلوماسية والاستخبارات الفرنسية بشأن سياسة ماكرون المتورطة في خطط “إسرائيل” ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
فمن ناحية، يرون كيف أن فرنسا تفقد كل مصداقيتها لدى دول العالم لأن موقف فرنسا كان ينبغي أن يكون دفاعاً عن الهدنة ووقف إطلاق النار، بدلا من دعم حرب الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.
وحقيقة الأمر أن تصرفات ماكرون ليست مفاجئة، فهو رئيس يفتقر إلى النضج السياسي العميق. لقد فقد تراث فرنسا الدبلوماسي، ولم يتردد حتى فيما يعتبره الخبراء الفرنسيون خيانة لبلاده عندما قام عام 2014، عندما كان وزيرا في حكومة فرانسوا هولاند، ببيع شركة الطاقة الأميركية جنرال إلكتريك وهي تابعة لشركة ألستوم الفرنسية. وهي الشركة التي تصنع توربينات الغواصات النووية والأجزاء الحساسة في الصناعة النووية.
وأصبحت الآن رهينة للسياسة الأمريكية. كما أنه باع بيانات فرنسية لشركات أميركية، وهذه الملفات تحت أنظار القضاء.
الحديث عن تراجع فرنسا على المستوى الدولي يعني الحديث عن ضعف الرؤساء الذين حكموا فرنسا من ساركوزي إلى ماكرون ، حيث افتقرت باريس معهم إلى الاستقرار في رؤيتها للعديد من القضايا العالمية. وأصبح الشغل الشاغل لهؤلاء الرؤساء هو إرضاء الولايات المتحدة.
المصدر – ميدل ايست منتيور