الثورة – دمشق – علاء الدين محمد:
شاعر كتب بصدق وعفوية، ابتعد عن الغموض، حارب السطحية، حمل الهم العام، تجربته الشعرية غنية ومتنوعة، تناولت الحب والجمال والفلسفة واتسمت بالجدة والعمق.
أقيمت الأمسية الثانية من أماسي عزف منفرد للشاعر الكبير صقر عليشي في ثقافي المزة بدمشق يحاوره كل من الأستاذ عمر جمعة والأستاذ أحمد هلال، والدكتور جمال المصري بجو تفاعلي وحضور نخبوي.
بدأ الحديث عمر جمعة وقال: عندما دعيت إلى هذا اللقاء مع الشاعر عليشي رجعت أكثر من / ٢٥/ عاماً من معرفتي بالأستاذ الشاعر صقر عليشة منذ اللقاء الأول الذي كان منتصف الثمانينات، وصولاً إلى هذه اللحظة، فقد عرفته انساناً، لكني مازلت أحاول أن أكتشفه شاعراً.
في منتصف الثمانينات من القرن الماضي في مخيم جرمانا عرفنا عليه الشاعر والروائي الفلسطيني حسن حميد، وكان شاباً بهي الطلعة جميل المحيا، ولأننا تعودنا في مخيماتنا في تلك الحقبة على قصائد محمود درويش وسميح القاسم وسواهما من شعراء المقاومه ،أو حتى أشعار وأناشيد الثورة خلال فترة السبعينيات أيضاً والتي اتسمت بالنبرة العالية وبعضها ذهب إلى الحدث الفلسطيني مباشرة، فإن الموقف كان مع صقر عليشي مختلفاً من ناحية الصور الشعرية، والدلالات غير المألوفة، فضلاً عن النبرة والإلقاء الهادف الذي شدنا أكثر من الشعر نفسه، فرحنا نبحر في مخيلاتنا – نحن المتلقين الشباب – ممن كانوا يبحثون ويتلهفون لكل معنى من الشعر الحماسي، أو الغنائي الذي يصلح للهتاف أو ليتصدر اللافتات التي كنا نرفعها في مسيراتنا ومناسباتنا الوطنية، لنكتشف أن الشعر له وظائف أخرى، غير تلك التي آمنا بها وتمنيناها، ذلك الشعر الذي يحفر في قلبك وروحك ووجدانك ماتفعله السواقي في مجاريها وانسيابها العذب.
الشعر الذي يدهشك ويأسرك لتبقى بعد الإصغاء إليه في حالة من الصفاء الروحي، المترع بأسئلة تحفز في كيانك ملكة البحث والتقصي في معاني الشعر وبلاغته، ووظائفه المتعددة سنوات مرت تخللها البحث الذي يقدمه فلم نكتف بمطالعة مجموعاته التي صدرت إبان تلك الحقبة، ومازالت مستمرة حتى الآن.. فكيف ولماذا وصل إلى هذه المكانة.
أما الناقد أحمد علي هلال يرى أن التجربة التي امتدت على أربع عقود، تجربة تستحق الدراسة والقراءة الفاحصة ، ليس لأنه محض شاعر نقل في مسار الشعرية السورية بل الشعرية التي تتجاوز المحلية، ففي نصوصه الكثير من الذروات الجمالية التي نقف اليوم في حضرتها، بالتالي سوف يكون سؤال عابر للأستاذ صقر عليشي بعض ما ألهمتني بعض قصائده المختلفة والجميلة.
هل تطمح إلى النص العابر للأجناس حينما كتبت (معنى على التل )، وكتبت لي صديقي العزيز الساكن على ضفاف المعنى؟
لقد كان هذا الطموح موجوداً عندي منذ صغري لكن لم يكن طموحاً مقترناً بالعمل والبحث ومتابعة الشعر العالمي والمحلي، و لاأعرف إذا كنت حققت طموحي فأنا أشعر أني بدأت الآن بكتابة الشعر.
بينما الشاعر والناقد جمال المصري قال عن الشاعر صقر عليشي أنه يمشي خفيفاً كالنهر لكنه عميق كالمحيط.
كتاب (اللمحات)، يحوي على عوالم كثيرة من المرئي واللامرئي، وهو يقول في بانوراما الإنسان أنه عندما تتحدث أن الأخبار تأتيه من آخر شبر في الغيب وأبع .
الشاعر صقر عليشي استفاد من قراءاته ومخزونه الثقافي العالي… والفراهيدي يقول: البلاغة لمحة دالة.
والشاعر كأنه يحاول إرشاد الآخرين تعالوا وتعاملوا معي مع حكمتي الشعرية، فكتاب اللمحات مثل طفل أعطاه والده جريدة فيها صورة العالم، مقسمة وطلب منه تجميعها، فجمعها على شكل وجه إنسان، فالقول هنا أنه إذا جمعت الإنسان فأنت جمعت العالم، وهنا إذا جمعت اللمحات فتجد نفسك شكلت شمولية كما يريد الشاعر، لكن ليس على شكل ديكتاتورية القصيدة القديمة، أي الشاعر يقول ويمشي، القصيدة هنا تفتح معك باب الحوار شئت أم أبيت.