يقال: التاريخ لا يكتبه إلا المنتصرون.. وتاريخ منطقتنا الحديث والمعاصر كتبته شعوبها حين دحرت قوى الاستعمار والاحتلال الغربي وقبله الاحتلال العثماني.
ليس غريباً أن نشهد انتصارات جديدة لشعوبنا ودولنا على قوى الاحتلال والعدوان التي لا تزال تستهدف المنطقة بمخططات استعمارية وضعت قبل مئة عام من أيام “خطة سايكس بيكو”، واليوم يراد تجديدها بأشكال وأدوات مختلفة.
لقد استطاعت سورية أن تنتصر على المخطط المعادي الإرهابي الذي أراد تفتيتها وتجزئتها طيلة العقدية الماضية، ورسخ هذا الانتصار قاعدة مهمة وأساسية في مواجهة هذا المخطط الذي يستهدف منطقتنا العربية ولا يستثني بلداً منها، حيث تتابع فصوله وأشكاله.
وفي غزة يسطر أبطال المقاومة تاريخ فلسطين من جديد تاريخ صمود شعب ومقاومة وتضحيات كبيرة في سبيل الانتصار على العدو الإسرائيلي.
تاريخ يطوي الهزائم والانكسارات ويسجل البطولات.. تاريخ يكتبه المنتصرون الأقوياء..
لقد سعى الغرب إلى إنشاء كيان ضد التاريخ وضد الجغرافيا وضد المنطق.. كيان غريب عن المنطقة.
اليوم، غزة هذه القطعة الصغيرة من الأرض تتحدى كما تحدت سورية والمقاومة اللبنانية وروسيا وإيران الغرب ونظرياته السياسية، غزة رغم أنها أصغر من أي حي في أي مدينة أوروبية في مانهاتن، التي يغمس فيها عالم السياسة الأميركي فرانسيس فوكوياما نظريته في “نهاية التاريخ” – التي أعمى بها فكر الغرب بانتصار الرأسمالية والامبريالية كي تكون هي المنتصرة – في بحر غزة ويشرب مياهها المالحة، لأن نهاية العهد الإمبراطوري قد حسمت في فلسطين.
يعتقد الغرب أن تفوق كيان إسرائيل هو نموذج التفوق الغربي، وانتصاره يعني أن الغرب لا يزال قوياً ويحكم العالم، في حين أن هزيمته ستعني العكس ونهاية العصر الذي تستطيع فيه القوى الأوروبية أن تحرف مسار التاريخ أو تعدله.
وهو ما يحدث اليوم فالانتكاسات التي شهدها مخطط الغرب في سورية والمنطقة عموماً، وكذلك هزائم كيان العدو أمام المقاومة الفلسطينية، التي فاجأت العدو والغرب معاً والولايات المتحدة خاصة،- تلك التي تقود الحرب في غزة مع حلفائها ومرتزقتها- اصطدمت بقوة المقاومة وصمودها بعد أكثر من سبعين يوماً، وهاهي تسقط مقولة الجيش الذي لا يقهر مرة جديدة، وتكبده خسائر فادحة في العدد والعتاد.
انتصارات المقاومة يسطرها التاريخ المعاصر بأحرف من ذهب وعلامة بارزة تعطي العالم الغربي الدروس والعبر وأن رهانه على العدو خاسر.