رابطة تؤلف

الملحق الثقافي- حبيب الإبراهيم:
لم تكن اللغة العربية خلال عهود متتالية بمنأى عن حملات الإساءة والتشويه ، كونها تشكّل أحد أهم عوامل الهوية والانتماء ومصدر اعتزاز كلّ عربي ناطق بالضاد ، لكنها استطاعت أن تتجاوزهذه الحملات بفضل قوتها وتماسكها وحيويتها وجزالة ألفاظها وتمسك أبنائها بها ..فاللغة العربية لغة حيّة متجددة، قادرة على استيعاب اللغات الأخرى التي تتفاعل معها فأعطتها من مفرداتها قوة وجمالاً.
لم تنغلق اللغة العربية يوماً على ذاتها ، إنما استطاعت أن تتكيّف مع كلّ حقبة وعصرمن خلال تجددها وحيويتها فهي لغة القرآن الكريم ، ولغة الثقافة والعلم والحياة ..
ومع تطور وسائل الحياة ودخول التكنولوجيا وعصر الأنترنت في كلّ مفاصلها ودخول عصر التقانة وتفجرالمعرفة ،وتحول العالم إلى قرية صغيرة تتحكم بها الدول التي تمتلك المعلومات ورأس المال ، واجهت اللغة العربية صعوبات لا تعد ولا تحصى وخاصة مطلع الألفية الثالثة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي من فيسبوك وتويتر وأنستغرام وواتس آب و…فأصبحت لغتنا العربية في حالة يشعر فيها المرء بالحزن على واقعها وخاصة من قبل أبنائها الناطقين بها ، فراحت المقالات والقصائد والزوايا تُكتب دونما حسيب أورقيب ، فانتشرت العامية بكثرة على حساب اللغة العربية الفصحى ، وأحياناً تُكتب بلهجات محلية ومناطقية يصعب على المتابع العربي فهمها وفك طلاسمها ؟
والمحزن أيضاً انتشار الأخطاء النحوية والإملائية في الكثير من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي ، والتي يدّعي أصحابها بأنهم شعراء لا يُشق لهم غبار ؟ وخاصة عبر ما يسمونه ملتقيات أدبية ، ومنابرشعرية تمنح شهادات التقدير وأوسمة الإبداع ودروع التميز لكلّ من يفك الحرف .؟!!
بكلّ تأكيد لغتنا ليست بخير ، وتعاني ما تعانيه من أبنائها الذين استخفوا بها وبمكانتها فراح الغادي والصادي ينشرما يريد عبر صفحات يدّعي أصحابها بأنهم أشعر من المتنبي وادونيس ، وأعرف بقواعد اللغة من سيبويه و…!؟
والمتابع للغة الفيسبوك يجد في الكثير من المنشورات هشاشة في اللغة وضعف في الأسلوب وركاكة في المحتوى، وهذا بكلّ تأكيد له تأثيره السلبي على اللغة العربيّة الفصحى وخاصة لدى الناشئة وجيل الشباب الذي راح يستخدم مصطلحات هجينة بعيدة كلّ البعد عن قواعد اللغة ومحتواها البديع والذي كان محط اعتزاز وفخر كلّ الناطقين بالعربيّة .
من خلال متابعتي لما يُنشر في هذه اللقاءات والمنابر والنوادي والملتقيات ساورد نماذج مما يُنشر ونترك للقارىء والمهتم الحكم عليها ..
كيف لنا أن نقرأ ونبرّر لشاعريكتب (بأن في يداك قضائي -ولكنك لا تفقهين شيء )أو( فقد أغلقت باب من قبل )
وكيف نبرر لشاعرآخرعندما يكتب (الداكن في عيناك وأيامي )
ولشاعرة أخرى كتبت (أتى محمل بهدايا ..ذقنا فيها حزن بل أحزان )
وفي نص شعري لدكتورة شاعرة !!ورد خمسة اخطاء في نص لا يتجاوز عدّة أسطر مثل (أثار شجون -فإذا بمهجتي ولقاءه – من وجنتاه -لا أجد الحبّ صحيح – فيغني لحن للتخفيف )
و( نقّليني يا فتاتي بين عيناك )
أو ( قلت ُلها قلبي لكي فداء )
او (لا أملك شيء ينصفني – ودعت زماني ولم يبقى )
أو ( فإن كنت القمر بعيناك )
كيف نقبل من شاعر في نصه هكذا أخطاء (انتي عشقي انتي وطني
تنتظر عودت مسافر
فرحتي إن عاد مسرع )
هل بحق هؤلاء يتقنون لغتهم الأم أو مروا في مدارس نهلوا منها علوم اللغة واستمتعوا بجمالياتها والتي لا يمكن نسيانها ابداً..؟؟!!
يخجل تلميذ في مرحلة التعليم الأساسي الوقوع فيها
وغيرها من أمثلة غير مقبولة وتشكّل نشاذاً يجرح العين والأذن …!!
نحن اليوم في متاهة حقيقية مع ما يُنشر من نصوص تعاني من الضعف في المبنى والمعنى ، وتشويه للغة العربية وجمالياتها اللفظية والبيانية من جهة وتشويه لذائقة المتلقي من جهة ثانية ، وبالتالي تعويم حالة من السطحية والابتذال تنتقل من جيل إلى آخر .
هناك فوضى عارمة في النشر دونما تدقيق ، دونما ضوابط أو معايير لهذا الملتقى أو ذاك، بالرغم من وجود -كما يدّعون – هيئة تحرير يتقدّم اسماءهم حرف الدال بأشكال وألوان ذهبيّة …؟؟!!
لا يوجد أي حسيب أو رقيب أو متابعة مع أن تلك الملتقيات فيها من الألقاب ما يكفي ويزيد . ؟!
كفى استهتاراً باللغة والتي تتالم مما يمارسه البعض بحقها تحت عناوين الأدب والشعر زوراً وبهتاناً…؟!
كفى استهتاراً بالذائقة العامة وتشويه جماليات اللغة وصورها تحت مسميات الحداثة والعصرنة و….
حتى وإن أشرت لهم إلى وجود هكذا أخطاء فإنهم (يطنّشون )ويستمرون في خطهم الذي يسيء ويضعف من مكانة اللغة العربية والتي هي ام اللغات و(هي الرجاء لناطق ٍ بالضاد ِ)
وحتى تبقى لغتنا العربية ، لغة الضاد ، امّ اللغات ، لغة العلم والحياة ؟ لغة تفيض جمالاً ورقّة وعذوبة ، وتشكل الحاضن لكلّ روافد الثقافة و المعرفة ، علينا الاهتمام أكثر باللغة الأم وإتقانها بكلّ مستوياته وجعلها في سلم الأولويات على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال إتقانها حديثاً وكتابة والتمعن بجمالياتها وكنوزها ، والارتقاء بها من كونها لغة للتعلم إلى لغة للعلم والحياة.
                          

العدد 1172 – 19 -12 -2023           

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة