الثورة – ديب علي حسن:
إنها المفارقة الكبيرة التي تبحث عن تفسير لها ..ألا وهي أن نضال الشعب العربي الفلسطيني ومقاومته للاحتلال لم يكن بمثل هذه الذروة في يوم من الأيام.. صحيح أنه لم يتوقف ولن يتوقف حتى تحقيق إرادة النصر .
والمفارقة أن الإبداع الشعري والروائي سابقا الذي استجاب لهذا النضال وكان معه وأصبح سامقا به هو الأكثر جمالا ووهجا واتقادا حتى أكثر مما كتب عن طوفان الأقصى…صحيح كل ساعة هناك تكتب مقالة أو قصة لكننا لم نقع إلا على القليل من الإبداع في هذه الكتابة أين شعراء اليوم مما قاله محمود درويش ذات يوم :
يا دامي العينين والكفين إن الليل زائل ..
لا غرفة التوقيف باقية ولا زرد السلاسل ..
نيرون مات ولم تمت روما بعينيها تقاتل ..
وحبوب سنبلة تجف ستملأ الوادي سنابل …
أو من أنشودته الخالدة التي يجب أن تبقى ماثلة وخالدة في القلوب والعقول اذ يقول :
وطني ! يعلمني حديد سلاسلي عنف النسور ورقّة المتفائل
ما كنت أعرف أن تحت جلودنا ميلاد عاصفة وعرس جداول
سدّوا عليّ النور في زنزانة فتوهّجت في القلب شمس مشاعل
كتبوا على الجدران رقم بطاقتي فنما على الجدران مرج سنابل
رسموا على الجدران صورة قاتلي فمحت ملامحها ظلال جدائل
وحفرت بالأسنان رسمك داميا وكتبت أغنية العذاب الراحل
أغمدت في لحم الظلام هزيمتي وغرزت في شعر الشموس أناملي
والفاتحون على سطوح منازلي لم يفتحوا إلا وعود زلازلي !
لن يبصروا إلاّ توهّج جبهتي لن يسمعوا إلاّ صرير سلاسلي
فإذا احترقت على صليب عبادتي أصبحت قديسا بزيّ مقاتل.
ليس الغاية أن نقلل من جماليات ما يكتب الآن أبدا، وإننا نثق أن ثمة إبداعا سيفجر طاقات الجمال الكامنة ويرتقي إلى مستوى الحدث ..وهذا قادم لا محالة ..
وعلينا أن نسجل أن الحبر اليوم في هذه المعركة هو حبر الإعلام..حبر شهداء الكلمة الذين ارتقوا وهم في ساحات الوغى.. إنه إبداع الكلمة الصورة ونأمل أن يحمل الغد المزيد من إبداع الشعر والرواية الذي يرتقي إلى اكعاب هذا النصر وصبر هذا الشعب.. والى أن يحدث ذلك نقول إننا نستعيد بوصلة الإبداع الذي كاد يغرق في متاهات يسمونها الفن للفن.