الثورة – رشا سلوم:
أنيسة عبود الشاعرة والروائية وكاتبة المقال الصحفي المميز، حفرت مكاناً لها في كل قلب يعشق الإبداع النقي الصافي.. رحلتها الإبداعية مميزة بين ألوانه كلها.
جديدها صدر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب، وهو مجموعة شعرية حملت عنوان (أحبك بتوقيت قلبي)، من أجواء المجموعة نقتطف:
المجدُ لك.
فأنا أحبك
وأكتبُ بالتين والزيتون
على جذع المدى
هنا امرأة تقف في الحيرة وتسأل النفّري
هل مرّ النبيذ من هنا
أم هوى النجم
وانطفأ
أم دخلت في الإثم بنات نعشٍ
وأخذنَ
في وجدهن
قلبي
…
ومن بستان إبداعها في المجموعات السابقة، نقف عند نص غاضب على كل من باع واشترى بنا على كل من يتاجر بآلام الناس ومعاناتهم.. نص يقرأ الضياع الوجودي الذي تعانيه الإنسانية وكل مجتمع له نصيبه منه.
لقد تحولنا إلى أرقام هاربة غدونا مجرد غبار طائر في مهب الريح تقول عبود:
هذه أنا
التي تمر تحت شرفة الحروف
لا وردا رأيت
ولا نوافذ من ياقوت
البيوت مكسورة الظهر
والأبواب مكبلة بالقيود
وقطة من حيرة
تموء وتموء
المدينة غابة
الشوارع أدغال من الذهول
البشر ريبوتات تأكل بعضها
آلات ناطقة تسير نحو حتفها
وأنا أراقب روحي
متى أصير مثل الجميع
امضغ ظلالي القاسية
واضرب بالفأس رأس قصيدة خضراء نابية
سأقطع جذور الخيال
واحصد اللغة من حقولي اليانعة
سأكتب بماء الرمال
وستضحك مني صوركم الزاهية
على مواقعكم سنلتقي
مواقعكم
المغبرة مثل عاصفة
تافهون كنتم
ومبجلون بالرموز الكاذبة
ما تزال ابتساماتكم ترن على البلاط
حيث قتلتم الكلمة
وحيث انتحر النص
ولم يعد من جذور للسؤال
سوى موت السؤال.
…
هذه أنا
وارفة بالشك
البس الحيرة واحتذي القنوط
لسنا من التراب
ولن نعود إلى التراب
سنصير هباء
لا قافلة توبة تنتظرنا
ولا محطات من الرأفة ترش الورد حين قدومنا
سنكون إشكالاً وأرقاماً نافرة
ولعبة بيد الأزمنة القادمة
ألا ترون
كيف يركض بنا زمن الجنون
تافهون ومقنعون وفاسدون
يلبسون وجوهنا
ويسرقون يوم ميلادنا
لم يبق منا سوى أرقام الخانات
وضوء شحيح يبرق من الأسماء في الهويات
لا تعرفنا الممرات الحزينة
ولا الوجوه التي ذابت في المرايا
سنصير حكايا
وسفربرلك جديد
وسنولد ألف مرة
ونعيد الكرة مرة و مرة
سادة ومنبوذون
لا عيون لنا ولا ألسنة
هم عيوننا
يرون بنا ويرصفون اللغة عنا
يشربوننا مثل قهوة باردة
ونحن نتلمظ في حكاية شاردة
سترويها لنا أمهات الفيسبوك
فنبكي على إسرارنا
وسنواتنا التائهة
ثم سنغوص مثل سر ممنوع
داخل أجهزة.. كومبيوتراتنا.
سنختفي
أو نتبرع بمحو حساباتنا
فنعود كما كنا
أنقياء
كدراويش في صومعة
سنعود
مجرد أخيلة كانت تحلق في اللامعقول
واليوم
من جديد ندخل في الأفول
حيث ينتظرنا.. سفربرلك حداثوي
مقصوص على.. قدنا.. بهي.
نأكل فيه خبزنا المغمس بالضياع
وأسماءنا التي
تأخذ شكل القناع
نشتري ونبيع فيها
فكل شيء في زماننا
يا سيدي يباع .
بطاقة..
أنيسة عبود شاعرة وأديبة وروائية (من مواليد 1957) عضو اتحاد الكتاب العرب، مهندسة وباحثة في العلوم الزراعية تشارك في الكتابة الصحفية السورية والعربية منذ بداية طريقها الأدبي.
حائزة على جائزة الرواية العربية من المجلس الأعلى للثقافة في مصر عن رواية (النعنع البري) التي أعيدت طباعتها مرات كثير وترجمت إلى 8 لغات.
من أعمالها الروائية (النعنع البري)، (بابُ الحيرة)، (ركام الزمن ركام امرأة)، (حرير اسود)، (قبل الأبد برصاصة)، (شك البنت – خرز الأيام )، في القصة منها (حريق في سنابل الذاكرة)، (حين تنزع الأقنعة)، (تفاصيل أخرى للعشق)، (غسق الأكاسيا)، في الشعر (مشكاة الكلام) (قميص الأسئلة).
لها آلاف المقالات في الصحف العربية والصحف السورية، وخاصة زاوية معا على الطريق في صحيفة الثورة.