بين ألم وأمل يطوي عامنا الحالي آخر أيامه، وروزنامة أحداثه تغص بمفارقات صارخة لازدواجية المعايير بتطبيق القانون الدولي، ويتصدر انتهاك حقوق الإنسان بالعدوان الصهيو- غربي على غزة قائمتها، وتفوح روائح التواطؤ الكريهة من تفاصيل حرب الإبادة المعلنة على الشعب الفلسطيني لتصفية قضيته ونسف حقوقه.
وبالوقت الذي تعج فيه منصات إعلامية بالتكهنات والتوقعات لعام جديد، تطل الحقيقة المثلى على المشهد العالمي من نافذة منطقتنا، وتفرض حضورها الطاغي والمؤثر بعيداً عن قراءة “فال” دول عظمى سقطت سقوطاً أخلاقياً وإنسانياً مدوياً في أوحال انخراطها بالعدوان على غزة، فباتت مساحيق التجميل غير قادرة على إخفاء قباحة شراكة الغرب الاستعماري بجرائم الإبادة، ولم يعد يجدي ترقيع السلوك المشين بعدها بالتبجّح بحق محتل غاصب بممارسة إرهابه ضد من يسلبهم أرضهم وحقوقهم، ويتباكى إن قاوموا إجرامه وتمسكوا بهويتهم وتجذروا بأرضهم.
الحقيقة الصارخة للغرب السفيه لم تظهرها الحرب على غزة فقط وإن عززتها، بل سبقها الكثير من الفصول الدموية والأكاذيب لغزو دول المنطقة وتفتيت وحدتها الجغرافية وسرقة ثروات ومقدرات شعوبها، فما حدث في العراق وما جرى ويجري في سورية من إمعان في العدوانية الأميركية شواهد حية ماثلة كافية لتلطيخ وجه الديمقراطية الغربية بعار الإجرام ووصمات الوحشية.
ما فرضته المقاومة من قدرات ردع نوعية وردودها الموجعة في عمق أوكار الاحتلال، وما صاغته من مفاهيم عززت بمداميك الحقوق لن يكون عابراً في الخريطة السياسية للمنطقة، بل هي الخطوط العريضة التي سترسم تحالفات استراتيجية جديدة، قواعدها الأساسية ترسيخ الحقوق وتمتين الثوابت في التعاطي الدولي مع ملفات المنطقة التي جرى تسخينها على نار الأطماع والرغبة بتفتيت دولها ونسف جسور روابط شعوبها.
فما بعد الطوفان المقاوم ليس كما قبله، وهزائم العدو جلية ليس في ساحات المواجهة فقط بل على اتساع رقعة التضامن الوجداني والإنساني مع الفلسطينيين وإدراك أن “إسرائيل” ومن ورائها أميركا بيت داء الإرهاب العالمي ومركز شروره.
انتصرت غزة رغم نزيف جراحاتها لعدالة القضية الفلسطينية، وعرّت أكاذيب الغرب ونفاق حكامه وكشفت معادنهم الصدئة، عندما وضعوا على محك الإنسانية.
السابق