تتجه الكثير من الأعمال الفنية والأدبية اليوم إلى تسليط الضوء والتأكيد على التمسك بالقيم والشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع الذي بدأت ملامح النأي بالنفس تظهر فيه من خلال العلاقات الإنسانية المتفككة والابتعاد عن مشاركة الآخرين آلامهم وآمالهم، وقد ذهب كل إلى شأنه تأخذه تحديات الحياة إلى عوالم قاسية تغيب عنها معاني الرضى وهدوء النفس.
ربما كانت للظروف الاجتماعية القاسية دورها فيما وصلت إليه حال الناس، كما ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي في خلق تلك المسافات بينهم، فقد تحول عالمنا الحقيقي إلى رسائل صوتية وإشارات إعجاب أو صورة تتولى مهمة التواصل في زمن تعطلت فيه لغة الكلام.
وعندما تجود لغتنا في التعبير، فلا تجد سوى عبارات الشكوى والضجر والوقوف على أطلال زمن مضى، فهل حقاً هذا ملاذنا للخروج من أزماتنا؟.
لاشك ندرك جميعنا أننا لسنا في الزمن المثالي لمجتمعاتنا، ولكن ماهكذا تورد الإبل، فنحن اليوم أحوج مانكون وأكثر من أي وقت مضى لتكاتف الجهود للخروج من عنق الزجاجة والوقوف إلى جانب الوطن في أزماته، وإيجاد الحلول، وهنا يأتي دور المثقف في بث الوعي والتمسك بالقيم والمبادئ التي تشكل الملاذ الأكثر واقعية للنهوض بالوطن والخروج به إلى بر الأمان.
وهذا ماأكد عليه المخرج زيناتي قدسية في مسرحيته الأخيرة” إخوة الجنون” ليقول مقولته” أنه عندما يكون مجتمع الشخص وعائلته ووطنه مهدداً بكرامته وقيمه وأخلاقه، لايجوز أن ينأى بنفسه ويترك بلده متعباً ومريضاً، لأن ذلك يشكل منتهى الجنون”
ولايمكن إلا أن نثمن جهود كل من يضع لبنة جديدة من أجل تحصين الوطن في قيمه ومبادئه وتراثه وعلاقاته الإنسانية والاجتماعية ولنا في أجدادنا أسوة حسنة.
فلطالما كنا ولانزال” محكومون بالأمل”، وما يحدث اليوم لايمكن أن يكون نهاية التاريخ.
السابق
التالي