الثورة-رنا بدري سلوم:
قد تغيب صورة تعذيبهن عن عدسات الكاميرات، لكن حدث أوجاعهن حاضر، وصوتهن الذي أنهكه الظلم والتعذيب والجوع والبرد، وهن خلف قضبان الاحتلال الإسرائيلي مسموع رغم التعتيم الإعلامي، وخاصة بعد أن أصدر العدو منذ بداية العدوان ما يزيد عن 9 آلاف أمر اعتقال إداريّ، شمل فئات المجتمع من النساء والأطفال وكبار السّن، في إطار تصاعد جريمة الاعتقال من دون حسيب أو رقيب، ليرتفع عدد الأسيرات المعتقلات وفرض جريمة “الإخفاء القسري” بحقهنّ ليبلغ عددهن أكثر من 210 أسيرات يتحمّلن ظروف الاحتجاز القاسية والمذلّة التي تتسبب بإصابات جسديّة، وما تخلفه من آثار نفسيّة، تبقى الوقفات الأسبوعية التي اعتادها أطفال جنين الفلسطينية هي صوت الأسرى المسموع، يرفعون صورهم مطالبين بالسماح لهم بزيارتهم، ومعرفة مصيرهم، فوفقاً لهيئة الأسرى ولجمعية نادي الأسير الفلسطيني وبعد عدّة زيارات أجراها المحامون مؤخراً في معتقلي “مجدو” و”النقب”، تواصل إدارة المعتقلات الإسرائيلية إجراءاتها الوحشية التي شرعت بها بعد السابع من تشرين الأول، أي بداية العدوان على قطّاع غزّة وهي سياسة التجويع، والحرمان من الدواء ما أدى إلى انتشار الأمراض وازدياد عمليّات العزل، وحرمان الآلاف من زيارة أسراهم، وتجريدهم من وسائل الإعلام كالتلفاز والراديو خوفاً من تمكّنهم من معرفة ما يجري في الخارج من أحداث، إضافة إلى إقدام إدارة السجون بمصادرة ملابس الأسرى وحرمانهم من الحصول على ملابس وأغطية تقيهم البرد، فيضطرون لغسل الملابس وارتدائها وهي غير جافّة في ظل الطقس البارد، عدا عن سياسة التنكيل وعمليّات التعذيب الممنهجة والإذلال خلال إجراء ما يسمى “الفحص الأمني- العدد”.
وعلى الرغم من الإجراءات الوحشيّة وغير الإنسانية في سجون الاحتلال، يبقى الأسرى الفلسطينيون من أطفال ونساء ورجال وكهلة على درب قضيتهم صامدون، يُضربون عن الطعام، ويرفضون التخلّي عن هويتهم وأرضهم لتبقى حريّة تعبيرهم ووجودهم فوق كل اعتبار، “حريتنا قوت يومنا” وفقاً لإحدى الأسيرات المحرّرات، فنراهم وهم مكبلو الأجساد مقيّدون بالسلاسل الحديديّة يرفعون إشارة النصر وهم خلف السياج يرنون إلى فلسطين العربية بعلمها المرفرف عنوة عن جبروت العدو الصهيوني المحتّل.