ثورة أون لاين :
فجأة يقرر أصحاب السرافيس الصغيرة – نصف الاعاقة – التوقف عن العمل في طرطوس , وعن خدمة أنفسهم وخدمة الشعب المسكين الذي يتحمل ركوب مثل هذه السيارات المهترئة , المتسخة , التي لا يليق العديد منها ولا يصلح للاستخدام البشري , وهو- أي الشعب المسكين يتحمل جشع بعض السائقين الذين يحشرون الركاب حشراً في مقاعد مهترئة , فيتضاعف عدد الركاب , ويعمل الراكب الجالس على المقعد المتحرك – ذو الحظ السيء – رياضة الصعود والنزول, وهو يخلي الطريق لراكب وصل إلى محطته!!
معاناة المواطنين في ركوب سرافيس النقل الداخلي في مدينة طرطوس لا تتوقف عند حدود احترام المواطن الساكت المتحمل رغم المعاناة اليومية , ومع وجود تسعيرة ملصقة على زجاج السيارة من الداخل تعلن أجرة الراكب داخل المدينة 13 ل . س, كان السائق يأخذها 15 حتى ارتفاع سعر المازوت , حيث تحولت أتوماتيكياً إلى عشرين دون تذمر من أحد أو أي اعتراض .
اضراب اليوم سببه – بعد السؤال والاستفهام – أن أجرة الراكب في هذه السرافيس الشيطانية ارتفعت من 13 إلى 14 !!!
هي قصة حقيقية واقعية , ليست من نسج الخيال وليست طرفة أو نكتة , والليرة السورية التي كنا نظن أنها أصبحت في ذاكرتنا الجمعية فقط عادت تثبت وجودها بدليل الاضراب , وهي موضع بحث في القرارات والتوصيات في شركة النقل الداخلي التي تبحث منذ فترة عن معيل يخرجها من أزماتها مع المواطنين الذين تكاثروا وكثروا حتى باتت الحاجة ملحة في إيجاد باصات نقل جماعية تغني عن تحكم مجموعة من مالكي وسائقي السرافيس الذين يعيشون من هذا العمل أصلا ً ويعيلون أسراً ..
اليوم صباحاً .. وقفت طويلاً كعادتي أنتظر سرفيساً قادماً , ترك محلاً فارغاً لراكب يلمه من خطه الطويل على طول الطريق حتى المشبكة وسط المدينة , فالقدموس, ف …..
وقد رضي بالسير على خطه المرسوم بعناية واتقان من أصحاب الخبرة في هذا المجال !! قبل امتلائه بالركاب , سائق قنوع متفهم يعرف أن أهالي طرطوس ينتشرون على طول الخط , وليس عند باب الكراج الجديد فقط .. !!
استغربت .. كل سيارات الأجرة التي تمر من أمامي سعيدة , فرحة , تتمايل بغنج على الاسفلت اللامع من مطر غزير غسل الطرقات طوال الليل , وهي تضيء لي أنوارها معلنة الاستعداد للتوقف الفوري لنقلي حيث أريد !!
البعض يطلق زموره عالياً معلناً الاستعداد أيضاً وعلى وجهه علامات الزهو والانتصار !!
حين يئست من رحمة الله , من قدوم سرفيس مسكين مثلي , ركبت سيارة أجرة صفراء لامعة مع سائق بشوش مبتسم شامت , أخبرني أن إضراباً أقامه سائقواالسرافيس نكاية بالليرة الاضافية التي نزلت على قرار التسعيرة !!
قصة تضع العقل بالكف – كما كان يقول جدي –
لماذا ؟!
بسبب ارتفاع التسعيرة من 13 إلى 14 !!!
إذا كان كل السائقين يأخذون 20 ليرة من الراكب , بعد ارتفاع أسعار المازوت … دون حسيب أو رقيب , مع المباركة العلنية والضمنية للركاب , فالكل يعرف ويعيش أزمة الغلاء والبلاء التي أصابت كل مواطن في هذه الايام , خاصة وقد تحولت طرطوس إلى محافظة أشبه بالعاصمة من شدة الازدحام , بينما بقيت الطرقات والشوارع والسرافيس على حالها !!فلماذا الاضراب ؟!!!ويعرفون أن المسؤولين في طرطوس يعقدون الاجتماعات ويناقشون الوضع ويراقبون وينتظرون … كما ينتظر المواطن الفرج في قرارات مجدية تخرج لمصلحة الجميع ..أقول وكلني أمل بعد دفعي للسائق السعيد 150 ليرة سورية أجرة تاكسي على الريق :
ربما نتوصل إلى عقد سلام مع اسرائيل !!! وربما نتوصل إلى عقد صلح مع تركيا واردوغان اللئيم فيرسل لنا مع ما يرسله من هدايا للشعب السوري الجار باصات نقل جماعي – صناعة صينية – , وربما نكون قد انتصرنا على الدواعش بأشكالها وأسمائها قبل أن يتوصل المسؤولون عن النقل في طرطوس إلى حل يرضي الجميع .
طرطوس – سعاد سليمان