” رسم استراتيجية عمل ومنهجية واضحة ورؤية شاملة ” لطالما سمعنا تلك العبارات عند البدء بتطوير أو تغيير منهجية عمل أي وزارة أو مؤسسة لدرجة أننا بتنا عندما نسمعها نقول ” إنها مجرد صفحات تُكتب للإشارة أن هناك نية للعمل قريباً ” لكن لا تحديد لمسار زمني للتنفيذ وهذا ما يُفشل أي استراتيجية أو خطة.
منذ أيام قليلة بدا وزير الصناعة متفائلاً بمستقبل أكثر إنتاجية للصناعة الوطنية خلال المرحلة الحالية والقادمة وعلى المستويين العام والخاص، مبرراً ذاك التفاؤل أن هناك رؤية شاملة ستحدد ملامح العمل الصناعي للمرحلة الحالية، ونحن بدورنا نقول إن كل من استلم هذه الحقيبة الهامة ومنذ عشرات السنوات قدم رؤى واستراتيجيات وخططاً يتخللها محاور للعمل وكيفية التنفيذ مع توصيف كامل لمشكلة القطاع العام الصناعي إلا أنها بقيت على الورق دون أي تنفيذ.
لا نريد مجرد رؤى تتكرر وكل ما فيها عبارات اقتصادية بعيدة كل البعد عن المشكلة والحل فرغم إصدار حزمة من التشريعات والقوانين لزيادة عدد المنشآت وإعادة تأهيل ما تم تدميره وتوفير المنتجات الوطنية بجودة عالية وبسعر منافس إلا أن هذا لم يف بمتطلبات الصناعة الوطنية ولم يسهم بتذليل العقبات والصعوبات التي تقف حجر عثرة أمام أي انطلاقة صحيحة للصناعة المحلية.
إصلاح القطاع العام الصناعي من الملفات القديمة و الشائكة في وزارة الصناعة كانت موجودة حتى قبل الحرب، فهيكلة هذا القطاع لا تكون تحت ضغط الحاجة بل يجب أن تكون استشرافاً للمستقبل وخاصة مع الانفتاحات التي بدأ يشهدها الاقتصاد السوري بشكل عام لذلك فإنه من الأجدى أن تحاكي الهوية الصناعية الجديدة شكل الاقتصاد للمرحلة القادمة وخصائصه ومزاياه وتتفاعل معه وتتكيف مع تنوعه، وهذا بحد ذاته بحاجة إلى نوع من التشبيك مع القطاع الزراعي للاستفادة من مخرجاته لتصبح مدخلات في القطاع الصناعي ما يسهم في تعظيم القيمة المضافة للمنتجات الزراعية بتحويلها من الشكل الخام إلى منتجات نهائية أو وسيطة تصب بشكل مباشر في سلتي الاستثمار أو الاستهلاك.
وحتى لا نكون متشائمين فالطروحات التي قدمها وزير الصناعة إذا ما تم العمل عليها وتنفيذها وفق مسار زمني محدد ستحقق عائدات اقتصادية وتعيد العربة إلى سكتها الصحيحة فهل تفعلها وزارة الصناعة هذه المرة وبالطبع هذا يحتاج إلى تضافر الجميع من مختلف القطاعات لإعادة الألق للصناعة الوطنية.