تُعرف كلمة سباق لمن يسمعها بأنها أمر يتعلق بالرياضة والماراتون وغيرها من المفاهيم المتعلقة بالنشاط البدني الصحي .. ولكن الأمر هنا مختلف لكونه يدخل في أحد أبعاد الخدمات المجتمعية.. ففي شهر رمضان لهذا العام أعاده الله على الجميع بالخير والصحة … كان هناك سباق غني وحافل حول ما يمكن أن تقدمه الجمعيات أو المؤسسات غير الحكومية المنتشرة في دمشق وريفها بشكل كبير بعد أن أصبح عددها بالمئات وليس بالعشرات في ظل استسهال الحصول على التراخيص المتعلقة بإنشاء وإحداث جمعية أو مؤسسة.
الاستعراض والسعي لكسب رضا المعنيين كان سيد المشهد منذ بداية الحملة الرمضانية التي أشرفت عليها مديريتي الشؤون الاجتماعية والعمل في المحافظتين الأمر الذي شوه جوهر هذه المبادرات.. فعلى الرغم من أهمية ما قامت به هذه المؤسسات والجمعيات من إيصال العون لمئات الأسر والأشخاص في كل منطقة وما تركته من أثر ايجابي نحو التكافل الاجتماعي في ظل هذه الظروف المعيشية الصعبة إلا أن هناك جوانب ورغبات ترويجية لبعض ما قامت به بعض هذه المبادرات وكذلك الجانب الترويجي للمعنيين في تصوير الجوانب الإيجابية التي يرغبون في إظهارها وإهمال المشكلات التي تواجه هذه المبادرات من جهة وكذلك الظروف المحيطة بالعمل الإنساني والتنموي بشكل عام في العديد من المناطق، وخاصة فيما يتعلق بالداتا التي تقدم من خلالها المساعدات وفيما يتعلق بجولات الموائد الرمضانية، فمن هم الأشخاص الذين يتواجدون فيها وخاصة ان أغلبها تحدث عن أرقام كبيرة من الحضور تقدر بالآلاف وهل السلل الغذائية ذهبت للأشد فقراً أو حاجة ووو الخ.
وبغض النظر عما وصلنا من شكاوى من بعض الجمعيات في تأخر وأحياناً عدم تقديم المساعدات والتسهيلات التي وعدت بها الجهات المعنية في دعم المبادرات هناك مسألة لافت للانتباه بأن جل الاهتمام كان مصبوباً على شرائح معينة من معوقين وعمال تنظيفات وجرحى ومصابين وغيرهم ولكن لفترة قصيرة بينما هم في الأيام العادية لا يحظون بهذا الاهتمام الأمر الذي يؤكد الموضوع الاستعراضي. فمن باب أولى السعي لتحسين الظروف المعيشية لهذه الشرائح كخطط وبرامج تنموية مستمرة دون أن تنحصر في الشهر الفضيل.
لا يقف الأمر عند ذلك، حيث إن التسابق الإعلامي والإعلاني كان واضحاً أمام الكاميرات ومن خلال آلاف الصور ومواقع التواصل الاجتماعي التي تُظهر تواجد المعنيين وهم يتابعون سير عمل المبادرات.. ولكن اللافت أنه لم يكن هناك أي اهتمام بمتابعة ما تقوم به هذه الجمعيات والمؤسسات بشكل عام خلال العام ولم يكن هناك اهتمام بظروف وخدمات المنطقة التي تتواجد فيها وخاصة في الأرياف التي عانت من الإرهاب، فهناك جوانب كثيرة بحاجة للإصلاح والترميم والمتابعة وهناك احتياجات لمواطنين في موضوع تسيير أمروهم اليومية والتي يبدو أنها خارج الحسابات حتى في الأيام العادية.
لا يسعنا إلا أن نشكر من عمل وجهد في هذا الشهر الكريم من أصحاب الأيادي البيضاء والمؤسسات التي عملت ما بوسعها لإنجاح الحملة الرمضانية ولكن مع عدم إغفال جوانب مجتمعية وصحية وخدمية متعددة يجب الانتباه إليها ومتابعتها على مدار العام.
السابق